الشارقة: عائشة خمبول الظهوري
كانوج بلدة في ولاية أوتار براديش شمال الهند، استخدمت أجيالاً من عطور المنطقة «الكولهاد» ومواد طينية للحصول على رائحة جذابة تعرف باسم ميتي عطار. ميتي تعني «الأرض»، وميتّي عطار تُترجم بشكل فضفاض إلى رائحة الأرض المبللة بالمطر، إذ كانوا يصنعون عطوراً مملوءة بالرياح الموسمية، وهذه تقنية خاصة عمرها قرون. والعطور زيوت معطرة مصنوعة من مكونات طبيعية، وتختلف الروائح بشكل كبير، ابتداءً من العطور المشتقة من الزهور مثل ورد الياسمين إلى الروائح الثقيلة والدافئة المصنوعة من خشب العود.
«إنها رائحة الأرض الجافة المحروقة عندما تهطل الأمطار الأولى بعد فترة جفاف طويلة»، هكذا وصف راجات ميهروترا، المالك المشارك لشركة مينا للعطور، إذ كان صانعو العطور يعبئون العطر الغامض منذ قرون.
ويستخدم جهاز التقطير بعد ذلك وعاءً نحاسياً صغيراً طويل العنق، يسمى «بهبكا»، مملوءاً بزيت خشب الصندل، وهو أساس جميع العطور، ثم يتم تثبيت فتحة «بهبكا» على أنبوب من الخيزران بزاوية، وهو بدوره متصل بالدرجة المليئة بالطين، وبمجرد اكتمال الإعداد يقوم جهاز التقطير بإغلاق أي فتحة باستخدام ميتي مولتاني المبلل، وهو نوع من الطين يُستخدم غالباً منظفاً للبشرة.
باستخدام مزيج من الخشب وروث البقر المجفف بالشمس، يشعل جهاز التقطير ناراً صغيرة يتم التحكم فيها بعناية أسفل الدرجة. لمدة 7 ساعات تقريباً يغلي الطين والدرجة المملوءة بالماء فوق اللهب، ويراقب ميهروترا جهاز التقطير وهو يرش الماء على النار، «لأنه يعلم أن الحرارة شديدة جداً». وإذا انخفضت النيران فسيضيف جهاز التقطير المزيد من روث البقر لإبقاء النار ساخنة بدرجة كافية، وعندما يغلي الطين داخل الدرجة الساخنة يتراكم بخار عطري وينتقل عبر أنبوب الخيزران إلى «بهبكا» المليئة بالزيت، ثم يمتص زيت خشب الصندل الموجود داخل «بهبكا» جوهر الطين الناتج عن البخار ببطء.
وفي نهاية اليوم، تفصل أجهزة التقطير الماء عن زيت خشب الصندل من خلال فتحة صغيرة، وتتكرر العملية بأكملها لمدة 10 أيام على الأقل حتى يتشبع الزيت السميك برائحة الطين المخبوز التي تحاكي رائحة الأرض بعد الأمطار الموسمية.
بمجرد الانتهاء، يخزّن العطارون العطر في قوارير من جلد الجمل، ما يساعد على تبخر الماء الزائد والحفاظ على العطر.
يصب مهروترا بعناية زيت العطر السميك في قنينة زجاجية، ويباع 0.26 جالون بنحو 180 ألف روبية هندية، أي نحو 2178 دولاراً.