حصون الصحراء الغربية.. تاريخ عريق في مصر



القاهرة: «الخليج»
تعانق أطلال حصون مصر الأثرية في الصحراء الغربية، رمال الصحراء المترامية في قوة تليق بماضيها العريق، وتروي للزائرين حكايات مثيرة، عن رحّالة ومغامرين ضربهم عشق الطبيعة، وغزاة أسطوريين تدفقوا على البلاد بجحافل جيوشهم المعززة بالعدة والعتاد، قبل أن تبتلعهم الصحارى المصرية في القرون البعيدة، فلم تغادر منهم أحداً.
وتحفل صحراء الوادي الجديد، على الحدود الغربية المصرية، بالعديد من الحصون الأثرية العتيقة، التي تقف شاهدة على عبقرية العمارة الحربية، التي توصل إليها القدماء الذين سكنوا تلك الصحارى في الزمان الغابر، لحماية مدنهم وقراهم التي سكنوها منذ 4000 عام، والتي يبلغ عددها، حسبما تقول وزارة السياحة والآثار في مصر، 15 قلعة وحصناً، يرجع تاريخ بناء بعضها إلى عصور ما قبل الميلاد، وبعضها الآخر إلى الحقبة الرومانية والبيزنطية في مصر، ومن أشهرها قصر الجب الذي يقع أقصى شمال منخفض واحة مركز الخارجة، ويصنف باعتباره واحداً من أقدم الحصون الرومانية.
يبعد قصر الجب عن مدينة الخارجة بنحو 50 كيلومتراً، من ناحية الشمال، ويتميز بتحصيناته الحربية المنيعة، حيث شيد الحصن على تبة عالية، لا تبعد سوى نحو كيلومترين، عن حصن مشابه يطلق عليه السكان المحليون اسم «قصر السميرة»، ويكاد يكون نسخة من حصن الجب، في معماره وطريقه بنائه، ويقول خبراء الآثار إن هذا الحصن، ربما كان يعمل كبرج مراقبة في ذلك الزمان البعيد، إلى جانب دوره كمنارة لإرشاد المسافرين، حيث بني على مقربة من الطريق الرئيسيى القديم للواحة، وقد اختير عند بنائه أن يشغل هذا الموقع الذي يوفر رؤية بانورامية للصحراء المترامية من حوله، عبر استخدام أبراجه المستديرة المبنية من الطوب اللبن، والتي يصل سمكها إلى نحو 3 أمتار.
جنود الحامية
يحتفظ حصن الجب، رغم تعاقب الدهور، بمدخله المقوس، إلى جانب بعض أجزاء من سوره الخارجي الذي يشير إلى أن الحصن كان مكوناً من 3 طوابق، يتم الوصول إليها عن طريق درج لا تزال آثاره موجود حتى اليوم، على الجانب الجنوبي المؤدي إلى الحاجز، ويمكن من خلالها الوصول إلى عدد من الغرف المتقاربة، التي خصصت لإقامة جنود الحامية، ولا تزال بقايا ست غرف منها باقية، بأقبيتها المختلفة الأشكال والأحجام، على طول الجانبين الشرقي والغربي لفناء الحصن، الذي كانت المياه الصالحة للشرب تصل إليه، عن طريق قنوات مائية، تعمل بنظام هيدروليكي متطور في ذلك الوقت، ولا يخلو من تعقيد هندسي.
ويرجع خبــراء تاريــــخ بنــــاء حصن السميرة الرومانــــي، إلـــى القرن الرابع الميلادي، وأنه وحصن الجب، كانا يتوليان مهمة الدفاع عن مستوطنة كبيرة سكنها مزارعون في ذلك الزمان البعيد، ولم يتبق منها سوى بقايا لقطع فخارية متناثرة، وقد كانت تلك المستعمرة الزراعية تتميز عن غيرها، ليس فقط بسبب قربها من طريق التجارة الذي كان يخترق الواحة في تلك الفترة، وهو الطريق الذي عرف باسم «درب الأربعين»، وكان واحداً من اهم طرق التجارة القديمة، وإنما لأنها شهدت نهضة عمرانية كبيرة، ما يمكن ملاحظته، في أطلال العديد من المنازل المدمرة التي عثرت عليها بعثات أثرية عملت في المنطقة، إلى جانب بعض المباني التي خصصت كأفران لصناعة الخبز، وأخرى خصصت كصوامع لتخزين الغلال.
ويعد حصن قصر باريس، واحداً من اهم الحصون الرومانية التي شيدت في الصحراء الغربية المصرية، لكن لم يتبق منه الآن سوى أطلال مبنى مهدم، تشير إلى أن تاريخ بنائه يرجع إلى الفترة ما بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين، ولا ينافس هذا الحصن سوى حصن قصر اللبخة القريب، وهو عبارة عن مستوطنة رومانية قديمة كانت تضم إلى جانب الحصن، معبداً ومقبرة كبيرة، ومخزناً للحبوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top