شيماء تتخطى «الذهان» وتنشط للتوعية بالمرض



العين: منى البدوي

تخيلت شيماء أحمد أن الأفراد في الشوارع والأسواق والأهل في المنزل يراقبونها، حتى شعرت أنها تعيش في تلفزيون الواقع؛ وكأن تفاصيل حياتها معروضة على الملأ، ومكائد يصنعها المقربون من الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل، وتبادلت الحديث مع «ترامب» و«إليزابيث». واستمر ذلك سبع سنوات، لتكتشف أنها كانت مريضة ب«الذهان» الذي قاومته خلال رحلة علاج تمكنت بعدها من مواصلة حياتها بطريقة طبيعية وممارسة جملة من الأنشطة.

عاشت شيماء في عالم من الأوهام، يعتقد من يطلع على تفاصيل حياتها خلال فترة المرض، أنه يقرأ رواية بوليسية محفوفة بالمكائد، إلا أن الله منَّ عليها بأسرة واعية تعاملت معها بحكمة وصبر، ومنحها القدرة على مقاومة مرض الذهان الذي هو عبارة عن «فقدان الاتصال بالواقع وعدم القدرة على التفريق بين الواقع والخيال»، لتبدأ رحلة حياة محفوفة بالألم والأمل والتطلع نحو المستقبل المشرق.

تبادلت الحديث مع «ترامب» و«إليزابيث» ورصدت تجربتها في كتاب

بدأت شيماء، مواطنة في العقد الثالث من العمر، حاصلة على ماجستير إدارة أعمال من الجامعة الأمريكية بالشارقة، وحالياً ناشطة في مجال الصحة النفسية ومؤلفة كتاب (مذكرات مجنونة: حكاية فتاة إماراتية صارعت الذهان)، حديثها بعبارة «لا أعتقد أنه يوجد تعريف لهذا المرض يستطيع أن يصف معاناة المريض وما يشعر به خلال عيشه في عالم من التخيلات والأوهام والهلاوس السمعية والبصرية تقلب الحياة رأساً على عقب».

قالت: «بدأت تظهر أعراض المرض عندما كان عمري 23 سنة، وتحديداً في بداية مرحلة التحاقي بالعمل؛ حيث بدأت أعيش في عالم من الوهم يخيل إليَّ فيه تآمر الزملاء ضدي، ووجود أفكار غريبة لديهم تجاهي، وأن تفاصيل حياتي تعرض على الجميع وغيرها من الأوهام التي جعلتني أستقيل».

وأضافت: «لم يقف الأمر عند محيط العمل، إذ بدأت العيش في عالمي الخاص؛ حيث قطعت التواصل بجميع الأهل والأصدقاء ووضعت شريحة الهاتف في جهاز لوحي «آيباد» لأتمكن من ممارسة لعبة واحدة فقط، ولا أعلم سبب اختيارها، كما امتدت الأوهام لتصل إلى محيطي الأسري؛ حيث بدأت أوهام وجود كاميرات مراقبة تتبعني في كل مكان بالمنزل، ما جعلني أتسبب بجملة من المشكلات منها التوجه إلى مخفر الشرطة لتقديم شكوى ضدهم، وتم تحويلي إلى قسم الدعم الاجتماعي».

وتابعت: «بعد نحو السنة تقريباً، توجهت إلى محكمة الأسرة؛ حيث أدرك الموظفون آنذاك أنني أعاني مرضاً نفسياً، وأقنعوني بضرورة التوجه إلى مستشفى الأمل للصحة النفسية بالشارقة الذي طالما حاولت أسرتي إقناعي باصطحابي إليه إلا أنني كنت أرفض وبإصرار، وبعدها أخبروني أنهم سيقومون بتنفيذ مطالبي؛ المتمثلة بفصلي عن الأهل ومنحي شقة إضافة إلى مصروف شهري ومساعدة منزلية، شرط أن يتم الكشف على الحالة من قبل طبيب نفسي، يؤكد قدرتي على العيش بمفردي، وبالفعل توجهت إلى هناك؛ حيث تبين للأطباء إصابتي بمرض «الذهان» وبدأت رحلة العلاج».

وتابعت: «قضيت 6 أسابيع في المستشفى، وكان للعقاقير الطبية الدور الكبير في نجاح خطة علاجي واستعادة حياتي بشكل طبيعي تدريجياً؛ حيث تحسنت بعد تلك المدة بنسبة 60% وبعد خروجي من المستشفى والتزامي نصائح الأطباء، استعدت الحياة الطبيعية بشكل كامل، وبعدها بأسبوعين قررت أن أكتب قصتي والتي تهدف إلى توعية الناس بالمرض، وتشجيع الأهل الذين لديهم حالات مشابهة ضمن محيطهم لاصطحابهم لأحد المستشفيات المتخصصة بالعلاج النفسي، خصوصاً أن الفرد المصاب لا يشعر بأنه مريض، ولكن يدرك ذلك من حوله، وبالفعل نشرت الطبعة الأولى من كتابي في ديسمبر/ كانون الأول 2020».

على الرغم من المعاناة التي عاشتها شيماء، فإنها جعلتها أكثر صلابة وقدرة على مواجهة الحياة وشق طريقها بثبات ووعي وإدراك؛ حيث انضمت كعضو في لجنة حقوق المرضى في مستشفى الأمل بدبي، وتخطط لعمل مشروع خاص إضافة إلى جملة من الأحلام التي تسعى إلى تجسيدها على أرض الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top