مسؤول إسرائيلي يتوقع «تدخل» الولايات المتحدة إذا اتسع نطاق حرب غزة


ازدادت حاجات النازحين والمنكوبين السوريين… وازداد الشح

تبقَّى أقل من شهرين ونصف على انتهاء عام 2023، الذي شهد خلاله شمال غربي سوريا كارثة طبيعية جراء الزلزال، وزيادة في الكثافة السكانية نتيجة استقبال اللاجئين المرحّلين من تركيا، واستمراراً للقصف الذي عنى تكراراً للنزوح وعودة للمخيمات الفقيرة.

كل ما سبق أدى إلى ارتفاع الاحتياجات الإنسانية للسكان المرهقين جراء 12 عاماً من الحرب المتواصلة، لكنه في المقابل لم يعنِ ازدياد المساعدات والمشاريع الإغاثية وإنما شهد هذا العام على أدنى نسب التمويل، التي لم تتجاوز ثلث الاحتياجات حتى الآن.

تقلُّص الدعم المقدَّم من المساعدات الغذائية انعكس على قدرة تقديم السلة الغذائية الكافية للعائلات في شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

من مجموع 4 ملايين ونصف المليون شخص يقيمون في الشمال الغربي، هناك 4 ملايين ومائة ألف هو عدد المحتاجين للمساعدة، حسب بيانات الأمم المتحدة، بينهم 3 ملايين و700 ألف يعانون انعدام الأمن الغذائي، ونحو 3 ملايين من النازحين والمهجّرين داخلياً ممن فقدوا ممتلكاتهم واضطروا لبناء حياتهم من جديد في أرض تندر فيها فرص العمل والأمان المعيشي والاقتصادي.

أزمة تمويل «غير مسبوقة»

بعد أعوام من التقليص التدريجي لحصص المساعدات الغذائية الموزعة في سوريا، أعلن برنامج الغذاء العالمي، في يوليو (تموز) الماضي، عن تقليص عدد المستفيدين من المساعدات إلى النصف، أي حرمان مليونين ونصف مليون شخص محتاجين للدعم في سوريا، بسبب ما سمّاه البيان «أزمة التمويل غير المسبوقة»… واليوم توضح الإحصائيات الأممية أن أربعة من كل خمسة أشخاص في شمال غربي سوريا لا يملكون ما يكفي من الطعام، مع ازدياد أعداد المحتاجين للغذاء هذا العام نحو 400 ألف عن العام الماضي.

تقديم المساعدات الإغاثية للمحتاجين في شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

«لا يملك الناس ثمن ربطة الخبز»، حسبما قال محمد الريا، مدير القطاع من المخيمات في منطقة مشهد روحين بريف إدلب الشمالي، وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المساعدات التي كانت مقتصرة على سلة غذائية شهرية تقلصت إلى سلة غذائية كل شهرين، بقيمة لا تتجاوز 22 دولاراً للسلة الواحدة.

يعمل أغلب سكان المخيمات ضمن ورش لأعمال المياومة، بأجر ما بين 25 و35 ليرة تركية لقاء ثماني ساعات من العمل، «ذلك المبلغ لا يسمن ولا يُغني من جوع»، على حد وصف الريا الذي أشار إلى أن ضيق الحال ونقص فرص العمل هما ما يدفع الناس للقبول بأي أجر.

ونقص المساعدات يقود لآليات تكيف «سلبية»، حسبما تُحذر الأمم المتحدة، منها عمالة الأطفال والتسرب من المدارس وتخطي وجبات الطعام والوقوع ضحية لسوء التغذية، الذي يعاني منه بالفعل واحد من كل ثلاثة أطفال في شمال غربي سوريا.

نسوة يعملن في صناعة التين المجفف شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)

مسؤول المناصرة والشراكات في جمعية «عطاء للإغاثة الإنسانية»، سارية عقاد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن أثر تقليص المساعدات يقود بعض المرضى إلى التخلي عن شراء الأدوية لأمراضهم المزمنة ليتمكنوا من تأمين الطعام، إضافة إلى تسببه في انتشار التسول والسرقات، وارتفاع معدلات العنف والخلافات الزوجية نتيجة للضغوط الاقتصادية.

إعادة ترتيب الأولويات

نقص استجابة الدول المانحة لم يعنِ وقف الجهود الإغاثية بالنسبة إلى المتطوعين الإغاثيين، في مدينة الأتارب، بريف حلب الغربي. تعمل لمى طاهر مع مجموعة من الشبان والشابات على تقديم الخدمات المجانية للمجتمع المحلي ضمن «جمعية حواء».

يصل المتطوعون في الجمعية ما بين المتبرعين، من السوريين المقيمين في الخارج أو من المنظمات الداعمة، والمستفيدين بشكل مباشر، «إننا نحاول تأمين احتياجات الناس ولكن ضمن الاستطاعة»، قالت لمى لـ«الشرق الأوسط»، مشيرةً إلى تزايد النشاط التطوعي بعد كارثة الزلزال التي فاقمت الاحتياجات الإنسانية.

طفلان بالقرب من مخيم «سهلة البنات» في سوريا (أ.ف.ب)

الحلول المقترحة لمواجهة نقص التمويل بالنسبة للمنظمات الإغاثية هي ثلاثة، حسبما أوضح سارية عقاد؛ إما تخفيض أعداد المستفيدين بشكل عام، وإما اختيار الشرائح الأكثر ضعفاً وفقراً فحسب، وإما المحافظة على أعداد المستفيدين مع تخفيض مدة منح المساعدة، وهو ما اختارته جمعية «عطاء».

وأضاف مسؤول المناصرة أن البحث عن الحلول المستدامة بدل الاستجابة الطارئة المؤقتة بإمكانه توفير مبالغ «ضخمة» على المانحين وتقديم العون بشكل أفضل للمحتاجين، وكذلك خفض التكاليف لإيصال المساعدات والبحث عن أفكار المشاريع الاقتصادية لتحريك عجلة الاقتصاد وتأمين فرص العمل الكريمة القادرة على تحقيق دخل مناسب لسكان المنطقة.

شاحنات حملت مساعدات برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عند معبر «باب الهوى» في سوريا 20 فبراير 2023 (رويترز)

الدول المانحة، التي تعد الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي أبرزها، لم تلبِّ احتياجات المشاريع الإنسانية المطلوبة لمساعدة المحتاجين في سوريا، لكنّ عجز التمويل الأكبر هذا العام ترافق مع عجزٍ عن دعم وصول المساعدات إلى الشمال الغربي، إذ فشلت دول مجلس الأمن بالاتفاق على تمديد إذن إيصال المساعدات عبر الحدود في يوليو (تموز) الماضي، ما أعاق مرور الشاحنات الإغاثية لأشهر وسمح للنظام السوري بالتحكم من جديد في ملف مساعدات المنطقة الخارجة عن سيطرته، وهو ما يثير خشية المقيمين فيها من نقص أشد خلال الأشهر المقبلة.



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top