ليس معقولاً أن يتم تهديد العراق أو كردستان بالقصف


الإيرانيون يعانون قيود الإنترنت بعد عام على الاحتجاجات

فرضت إيران قيوداً على الإنترنت منذ اندلاع الاحتجاجات قبل عام على خلفية وفاة مهسا أميني، ما أجبر السكان على البحث عن طرق بديلة لإدارة أعمالهم التجارية أو التواصل مع أحبائهم.

توفيت أميني، وهي إيرانية كردية تبلغ من العمر 22 عاماً، في 16 سبتمبر (أيلول) 2022 بعد توقيفها في طهران بدعوى سوء الحجاب.

إيرانية من غير حجاب تمشي خلف رجل دين في شارع وسط طهران أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

وأشعلت وفاتها احتجاجات في أنحاء البلاد استمرت شهوراً قُتل خلالها المئات بينهم عناصر أمن قبل أن تتحرّك السلطات للقضاء على ما وصفتها بأنها «أعمال شغب»، بما في ذلك عبر فرض قيود على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وأفادت ألمى صميمي التي تبيع الحقائب الجلدية عبر الإنترنت بأن تجارتها عانت منذ قُطعت «الإنترنت». وقالت: «لم يكن من الممكن إصلاح الأضرار»، إذ تراجعت الأرباح المرتبطة بحسابها على «إنستغرام» الذي يحشد آلاف المتابعين بنسبة 80 في المائة. وأضافت أن «التفاعل عبر الإنترنت تراجع بشكل كبير منذ العام الماضي». وقالت: «لم يعد بإمكاننا التخطيط للمستقبل»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

تأتي القيود التي أثّرت على النشاط عبر الإنترنت بما في ذلك على «واتساب» و«إنستغرام» فيما يكافح ملايين الإيرانيين لكسب لقمة عيشهم في ظل أزمة اقتصادية تتمثّل بارتفاع كبير في معدلات التضخم وتراجع حاد في قيمة العملة المحلية.

وفاقم قرار واشنطن عام 2018 إعادة فرض عقوبات على طهران بعدما أعلن الرئيس حينذاك دونالد ترمب، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بسبب أنشطة طهران الإقليمية والصاروخية.

«تكلفة مضافة»

دعا نحو 1200 صاحب عمل تجاري مذّاك الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إلى إلغاء القيود، وفق الإعلام المحلي.

وعلى أمل المحافظة على تجارتها، لجأت صميمي لاستخدام شبكات افتراضية خاصة وأدوات أخرى للالتفاف على الرقابة.

وقالت المجموعة المدافعة عن الأمن الرقمي التي تتخذ من بريطانيا مقراً «توب10في بي إن» إن الاحتياجات اليومية لخدمات «في بي إن» ارتفعت لتكون «أعلى بـ3082 في المائة مقارنةً مع ما قبل الاحتجاجات» العام الماضي.

شخص يحمل هاتفاً بعد تنشيط خدمة شبكة افتراضية خاصة (VPN) للوصول إلى الإنترنت خلال وجوده في طهران الأحد الماضي

وأفاد الطبيب النفسي الذي يقدّم جلسات علاجية عبر الإنترنت محمد رحيم بويا، بأنه خسر أكثر من 50 في المائة من زبائنه في الأيام الأولى لانقطاع الإنترنت.

وأكد الطبيب البالغ 32 عاماً أن بإمكانه المحافظة على خطوط الاتصال مع الزبائن في إيران، لكن الأمر أكثر صعوبة مع أولئك الذين في الخارج.

وبالنسبة له، فإن استخدام الأدوات المضادة للرقابة تمثّل «تكلفة إضافية وتتخللها على الأرجح ثغرات أمنية… لكن ما الخيارات؟».

وبات العثور على وسائل للالتفاف على قيود الإنترنت أمراً شائعاً في إيران حيث حظرت السلطات بشكل متكرر على مدى السنوات الوصول إلى الشبكة في أوقات الاضطرابات.

وفي 2009 حُظر الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي خلال الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي باتت تُعرف بـ«التحرك الأخضر» بعد انتخابات رئاسية مثيرة للجدل فاز بها الشعبوي محمود أحمدي نجاد. وتكرر سيناريو قطع الإنترنت بعد احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017، ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في زمن الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني.

ومذّاك حظر أحمدي نجاد شبكات اجتماعية ذات شعبية واسعة مثل «فيسبوك» و«إكس» التي كانت حينها تُدعى «تويتر» رغم أن الكثير من كبار المسؤولين الحكوميين والمؤسسات المتنفذة مثل مكتب المرشد الإيراني يستخدمون تلك المنصات.

وبعد عقد، فُرضت قيود أشد بعدما خرج محتجون إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم قراراً حكومياً برفع أسعار الوقود بنسبة 200 في المائة.

قيود مكلفة

وفي مارس (آذار)، حضّ وزير الاتصالات الإيراني عيسى زارع بور، الشركات الأجنبية على فتح مكاتب تمثيلية في إيران، قائلاً إن «أحداً لا يريد تقييد الإنترنت ويمكن الحصول على منصات دولية».

وذكّرت مجموعة «ميتا» الأميركية العملاقة المالكة لـ«واتساب» و«فيسبوك» و«إنستغرام»، بأن لا نية لديها لفتح مكاتب في إيران التي ما زالت خاضعة لعقوبات أميركية.

وثبت أن فرض القيود على الإنترنت كان مكلفاً.

امرأة تنظر إلى هاتفها وهي تسير في أحد شوارع طهران الأحد الماضي (أ.ف.ب)

أنفقت الحكومة 773 مليون دولار في عام 2022 وحده لفرضها، لتكون بذلك ثاني أكبر منفق على القيود بعد روسيا، حسب موقع «ستاتيستا» لجمع البيانات ومقره ألمانيا.

وفي فبراير (شباط)، ذكرت صحيفة «شرق» الإصلاحية أن مزودي خدمات الإنترنت في البلاد تكبدوا خسائر نسبتها 40 في المائة جرّاء القيود.

وفي ظل الحظر المفروض على التطبيقات الغربية، لم يعد أمام الإيرانيين خيارات كثيرة غير الاعتماد على التطبيقات المدعومة من الدولة.

رجل يحمل هاتفاً خلوياً في طهران الأحد الماضي (أ.ف.ب)

لكن تطبيقات شبكات اجتماعية وللرسائل النصيّة تم تطويرها في إيران مثل «بايل» و«إيتا» و«روبيكا» و«سروش» فشلت في كسب شعبية كبيرة مقارنةً مع البدائل الدولية.

وأكدت صميمي أن ما زال عليها «العثور على بدائل» لتجارتها التي تتراجع الآن عبر «إنستغرام».

ويصرّ بويا أيضاً على استخدام منصات دولية عبر أدوات الالتفاف على الرقابة لكنه يخشى انقطاعاً تامّاً للإنترنت. وقال: «لا أعرف ما الذي يمكن أن أفعله إذا قطعوا (الإنترنت) بالكامل».​





المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top