الشارقة: مها عادل
تحرص الكثير من العائلات في عالمنا العربي خلال رمضان على تناول أنواع مختلفة من الحلوى الشرقية، ولعل أبرزها الكنافة التي تحتل الصدارة على مائدة الطعام خلال الشهر الكريم، وتتميز الكنافة بتنوع مذاقاتها وأشكالها وحشواتها المتعددة، وتقدمها كل دولة بأسلوب يميزها عن غيرها، سواء بحشو المكسرات، الجبن، الشيكولاتة، الكريمة أو الفواكه وغيرها من أنواع الحشو المميزة، وهذا يدفعنا للبحث عن أصل وتاريخ هذا الطبق العريق والشهي.
اختلفت الأقاويل حول أصل الكنافة ونُسبت لعدة شعوب عربية، ومن أشهر ما تم تداوله عن تاريخ الكنافة أنها تعود إلى عصر معاوية بن أبي سفيان أثناء ولايته لدمشق، حيث قيل إن أهل الشام صنعوها له ليتناولها أثناء السحور، لتمنحه طاقة تساعده على تحمل جوعه الشديد في نهار رمضان، ثم بعدها انتشرت في مختلف أنحاء البلاد وعرفت باسم «كنافة معاوية».
بينما قيل أيضاً، إن أصل الكنافة يعود إلى عهد الفاطميين في القاهرة، حيث صنعت للخليفة المعز لدين الله الفاطمي، كنوع من الاحتفال باستقباله عند دخوله القاهرة في رمضان، ومن ثم انتشرت من مصر إلى جميع الدول العربية. وفي رواية أخرى، قيل إن الكنافة صنعت لسليمان بن عبد الملك الأموي، كما قيل إن تاريخ الكنافة يعود إلى المماليك الذين حكموا مصر في الفترة من 1250- 1517م.
وارتبطت حلوى الكنافة بحلوى أخرى هي القطايف، حيث تحتلان مكانة خاصة في ثقافة البلدان العربية، لاسيما منطقة الشام ومصر والعراق ومن ثم دخلت البلدان الأخرى والخليج.
ولهذين النوعين من الحلويات جذور في التاريخ العربي يعود لمئات السنين، حتى إن بعض القصص المختلفة صارت تنسج حول ابتكارهما، وتاريخهما اللذين اختلطت فيهما الأصول الغائبة بالروايات المؤلفة والمختلقة.
وازدهرت صناعات الحلويات بصفة خاصة بالقاهرة في عصور لاحقة كالعصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي وغيرها، ومن اللافت والطريف أيضاً أن الكنافة داعبت خيال الكثير من الشعراء العرب الذين تغنوا بها، وكان أول من تغنى بها هو الشاعر المصري أبو الحسين الجزار الذي يصنف من شعراء العصر «المملوكي» الذي رسخ صورتها بالشعر العربي وبرع في وصفها في شعره كقوله:
«سقى الله أكناف الكنافة بالقطر
وجاد وليها سكر دائم الدر
وتبّاً لأوقات المخلل إنها
تمر بلا نفع وتحسب من عمري»