أخبار العالم

حذف اسم نائب منتخب من القائمة البرلمانية


لماذا فقد التهديد الأممي بمعاقبة «معرقلي الانتخابات الليبية» فاعليته؟

بينما لا تزال الأزمة الليبية تراوح مكانها، تساءل سياسيون عن جدوى التهديدات التي يطلقها من وقت لآخر مجلس الأمن الدولي، ولا تنفذ!.

واعتبر وزير الداخلية الليبي الأسبق، عاشور شوايل، أن تكرار بيانات مجلس الأمن المهددة بإدراج المعرقلين للمسار السياسي ضمن قائمة العقوبات، دون تنفيذ «يعد في مقدمة الأسباب التي أدت للتعامل معها باستهانة من قبل الأطراف الفاعلة، سواء كانت قوى سياسية، أو مسؤولين، أو قيادات تشكيلات مسلحة».

وقال شوايل لـ«الشرق الأوسط»، إن الليبيين «باتوا يستبعدون تفعيل أي عقوبات، فلقد ترسخ في أذهانهم أن الدول الغربية الكبرى المتدخلة في ملف أزمة ليبيا -ومنها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن- لا تُقدم على أي تحرك إلا إذا كان يتعلق بمصالحها الخاصة».

جانب من مطالبة قوى مدنية وعسكرية في غرب ليبيا بإجراء الانتخابات بالبلاد (الصورة من مقطع فيديو)

وكان مجلس الأمن قد حذر في بيان سابق حول تطورات الأوضاع في ليبيا: «الأفراد والكيانات الذين يهددون السلم والاستقرار الليبي، أو يقوضون استكمال الانتقال السياسي ويعيقونه، بالتصنيف ضمن قائمة العقوبات».

وانتقد شوايل «بطء تعاطي المحكمة الجنائية الدولية مع القضايا المتعلقة بتهريب البشر والمخدرات والسلاح، والتي يرتبط بنشاطها وقوع كثير من الانتهاكات والجرائم الإنسانية التي تختص المحكمة الدولية بالنظر فيها»، مشدداً على أن «معاقبة مرتكبي تلك الانتهاكات ستؤدي لاستشعار الجميع جدية تعاطي المجتمع الدولي مع الملف الليبي بكامل أبعاده، وهذا بدوره كان سينعكس إيجابياً على المسار السياسي وتحجيم التجاوزات فيه».

من أحد شوارع طرابلس (أ.ف.ب)

وقلل رئيس الهيئة العليا لـ«تحالف القوى الوطنية»، توفيق الشهيبي، بدوره، من التلويح الدولي باستهداف معرقلي الانتخابات، مرجعاً ذلك «للخلافات والتوترات الدائمة التي تتسم بها العلاقة بين الدول الخمس الدائمة العضوية، وتحديداً روسيا والولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يستبعد معه اتفاقهم حول أي قضية».

ورأى الشهيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه مع نشوب الحرب في أوكرانيا، تصاعد الصراع الدولي، وبات من المستبعد جداً التوافق حول أي قرار، وخصوصاً لو تعلق الأمر بفرض عقوبات دولية، في ضوء تبادلهم الاتهامات بتسييسها».

ولفت الشهيبي إلى أن ما تم فرضه عام 2016 من عقوبات بحظر السفر، وتجميد الأصول على كل من: رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، ورئيس المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) نوري أبو سهمين، لاتهامهما حينذاك بعرقلة عملية السلام في ليبيا، «تم فرضها من قبل الاتحاد الأوروبي وليس مجلس الأمن الدولي».

عقيلة صالح يلتقي وفداً من قبيلة العبيدات بمنطقة الأبرق في شرق ليبيا (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب)

وتساءل عن «جدوى فرض عقوبات لا تُحدث أي تأثير»، مشدداً على أن «أغلب الشخصيات الليبية؛ سواء من السياسيين، أو من قيادات التشكيلات المسلحة، يصعب التأثير فيهم بعقوبات كحظر السفر أو تجميد الأصول، وهذا في حال تطبيقها بشكل جدي». وقال إن العقوبات الأوروبية بحق صالح وأبو سهمين، والتي امتدت لنحو 4 سنوات «جرى اختراقها بسفر الرجلين للخارج؛ بل ولدول تحتل مكانة بارزة في عضوية الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تعامل الدول الغربية مع شخصيات ليبية مدرجة على قائمة عقوبات مجلس الأمن».

ويذكر أن عبد الرحمن الميلاد الملقب بـ«البيدجا» المدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن، وورد اسمه في نشرة خاصة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول» منذ عام 2018، لارتباط الوحدة التي يترأسها في خفر السواحل الليبي بالمسؤولية عن إغراق مراكب مهاجرين غير شرعيين في عرض البحر: «تم استقباله في العاصمة الإيطالية ضمن وفد رسمي ليبي».

ولفت الشهيبي إلى أنه على الرغم من تشابك الملف الليبي مع خيوط الصراع الدولي بدرجة كبيرة: «فالحل لن يكون إطلاقاً في استمرار التهديد بالعقوبات، حتى إذا طبقت أو غلظت، وإنما في جلوس الفرقاء الليبيين حول طاولة تفاوض واحدة، يتم فيها تحييد الدور الخارجي الذي أظهر مراراً فشله في معالجة جذور الأزمة».

ويرى المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، أن «ما يحول دون تفعيل مجلس الأمن لتهديده بمعاقبة المعرقلين للعملية الانتخابية في ليبيا، هو مسؤوليته بوصفه جزءاً من الأمم المتحدة عن وصول هؤلاء المعرقلين للسلطة في البلاد».

استعراض عسكري لقوات الجيش في غرب ليبيا بميدان الشهداء وسط طرابلس (منصة «حكومتنا»)

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأطراف الفاعلة بالمشهد (مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة الوحدة، وقادة التشكيلات المسلحة، ممن يتهمهم الليبيون بعرقلة الانتخابات لاستفادتهم من بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه) تصدروا جميعاً المشهد عبر اتفاقيات سياسية عقدت برعاية الأمم المتحدة وبعثتها للدعم في ليبيا».

ورأى أن «مجرد التلويح بمعاقبة تلك الشخصيات والأجسام الليبية، سيعد طعناً في شرعية تلك الاتفاقيات الدولية التي استقدمتهم، كـ(الصخيرات) الذي جدد شرعية مجلس النواب، وتأسس بناء عليه المجلس الأعلى للدولة، أو (اتفاق جنيف) الذي أنتج حكومة الوحدة… تلك هي الإشكالية: كيف سنعاقب من قمنا بإحضارهم لحكم البلاد؟ وكيف نعترف كمجتمع دولي بالفشل؟».

«ما يحول دون تفعيل مجلس الأمن لتهديده بمعاقبة المعرقلين للعملية الانتخابية في ليبيا، هو مسؤوليته بوصفه جزءاً من الأمم المتحدة، عن وصول هؤلاء المعرقلين للسلطة في البلاد».

المحلل السياسي أحمد المهدوي



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى