منوعات

ذكرى رحيل «الأستاذ»…نصيحة الريحاني حولته إلى «خزينة أسرار الرؤساء»



مرت السبت 17 فبراير 2024 الذكرى الثامنة لوفاة الكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل الذي غيبه الموت في مثل هذا اليوم عام 2016، عن عمر ناهز 92 عاماً، ولقبه الجميع بـ «الأستاذ»، لقيمته وتأثيره في عالم الصحافة العربية.
وُلد محمد حسنين هيكل في قرية الباسوس بمحافظة القليوبية، في 23 سبتمبر 1923، واحترف الكتابة في عامه التاسع عشر سنة 1942.
حكى هيكل في حوار أجراه معه الكاتب الراحل جليل البنداري، قصته مع الفنان نجيب الريحاني الذي كتب عنه أول وآخر تحقيق صحفي فني في حياته المهنية.

هيكل والريحاني
التقى الصحفي الشاب وقتها مع نجيب الريحاني في كواليس إحدى مسرحياته عام 1943، ودار بينهما حوار، جعل الممثل المخضرم يقدم نصيحة إلى محمد حسنين هيكل، وهي الابتعاد عن الصحافة الفنية، فقد رأى أنها لا تناسب مواهبه وقدراته الثقافية والسياسية.
ابتعد هيكل بالفعل عن الصحافة الفنية، ليخوض غمار السياسة، ويسافر من قبل صحيفة “أخبار اليوم” كمراسلاً حربياً في العام 1948 لتغطية الحرب في فلسطين قبل دخول الجيش المصري إليها بشهرين، حيث كان شاهداً عيان عليها، وتعرف خلالها للمرة الأولى بالضابط آنذاك جمال عبد الناصر.

سبق صحفي

وشكلت حرب فلسطين أخطر سبق صحفي للكاتب الشاب الذي شهد الحصار الشهير للجيش المصري في الفالوجا من قبل القوات الإسرائيلية، دأب خلالها هيكل على كتابة يومياته عن الحرب، مسجلاً أدق تفاصيلها وكاشفاً الكثير من أسرارها في تحقيقات مثيرة نشرتها ” أخبار اليوم” كان لها أثراً بالغاً على الرأى العام المصرى آنذاك.

 هيكل وعبد الناصر

وكان هيكل شاهداً على بزوغ نجم عبد الناصر  الذي قاد تنظيم الضباط الأحرار في 23 يوليو من العام 1952، للإطاحة بأسرة محمد علي من حكم مصر بعد 150 عاماً من السلطة، مدشناً بذلك عهد ثورة يوليو، وقصة ميلاد زعيم شكلت حقبته الحياة السياسية للعالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين.

وامتازت علاقة هيكل بعد الناصر بالخصوصية والتميز، لم يحظ بها كاتب اخر في عصره، فبات الصحفي الأثير لديه، ورافقه خلال مشواره، وكان أحد كاتمي أسراره ومستشاريه.
كتب هيكل عدداً من خطابات  عبد الناصر، وقدم له النصائح، كما كان الرئيس الراحل يكلفه بنقل رسائله إلى عدد من المسؤولين في الدول الأخرى، بات معها مبعوثاً رئاسياً غير رسمي.
وتولى هيكل رئاسة تحرير صحيفة الأهرام عام 1957، ثم عُين وزيراً للإعلام في 1970، كما تولى حقيبة وزارة الخارجية بشكل مؤقت لمدة أسبوعين في غياب وزيرها محمود رياض.

هيكل والأهرام

شكلت قيادة هيكل للأهرام نقلة بارزة في تاريخ الصحيفة المصرية، التي استقطب اليها أشهر كتاب وأدباء عصره، فتربعت على عرش الصحافة العربية، وباتت ضمن أشهر عشر جرائد في العالم آنذاك، ما دفع «الموسوعة البريطانية»، إلى وصف الأهرام بأنها  «نيويورك تايمز العرب»، وذلك بسبب عمق التحليل ودقة الخبر وتنوع المقالات.

هيكل والسادات

وحظي هيكل بعلاقة خاصة مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات،  ظهر ذلك جلياً حين تم تكليفه في أكتوبر 1973 بكتابة التوجيه الاستراتيجي الموجه إلى الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الدفاع بخطة حرب أكتوبر وأهدافها الاستراتيجية، ثم كتابة كلمة الرئيس أمام مجلس الشعب في 16 أكتوبر للحديث عن الحرب.

ولم يستمر هذا التوافق بين الإثنين كثيراً، إذ اختلفت آرائهما السياسية لاحقاً، خاصة في سياسة مصر عقب حرب السادس من أكتوبر، بعدها قرر الرئيس الراحل في فبراير 1974، نقل هيكل من رئاسة مجلس إدارة وتحرير صحيفة الأهرام، ليعمل مستشاراً له في قصر عابدين، لكن الأخير رفض ذلك المنصب، وقرر التفرغ لكتابة مقالاته وكتبه.
وخرج هيكل في تصريحات لصحيفة صنداي تايمز البريطانية، أكد خلالها أن الرئيس السادات استخدم سلطته لإبعاده عن مؤسسة الأهرام، فيما قرر هو استخدام حقه الشخصي برفض العمل مع الرئاسة وتحديد وجهته المقبلة.

هيكل وكيسنجر

ودفعت قصة صعود هيكل ليكون أحد أهم الصحفيين العرب في القرن العشرين، البعض إلى تشبيهه بثعلب السياسة الأمريكية، وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، إذ اقترب الرجلان المولودان في العام 1923، من مراكز صنع القرار في مصر وأمريكا، قبل أن يتمدد نفوذهما خارج حدود دولتيهما، ويخطا لنفسيهما رحلة نجاح مثيرة في عالم السياسة والصحافة.

اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة في سبتمبر 2003 تزامناً مع احتفاله بعيد ميلاده الثمانين، وبدأ في تسجيل برنامج تليفزيوني حمل اسم «مع هيكل»، حكى خلاله قصة حياته وأبرز المواقف التي مر بها في عالمي الصحافة والسياسة.
وتعرض هيكل لأزمة صحية استمرت لمدة 3 أسابيع في العام 2016، ليرحل إثر تدهور حالته الصحية، تاركاً خلفه إرثاً كبيراً من العلم والمعرفة، وعلامة بارزو في تاريخ الصحافة العربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى