واشنطن ترحب بقرار القضاء العراقي إدانة قاتلي أميركي بالسجن المؤبد


بعد يوم من قرار أصدره القضاء العراقي بالإدانة والحكم على إيراني و4 عراقيين، بتهمة قتل المواطن الأميركي ستيفن ترويل، الذي قُتل بالرصاص في أحد شوارع بغداد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية ترحيبها بقرار القضاء العراقي.

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الخارجية ماثيو ميلر، في بيان له، الجمعة: «نرحب بقرار المحكمة العراقية بإدانة وإصدار أحكام على عدد من الأشخاص والحكم عليهم بتهم الإرهاب في ما يتعلق بمقتل المواطن الأميركي ستيفن ترول».

وأضاف: «من الضروري أن يواجه جميع المسؤولين عن هذا الاغتيال الوحشي المتعمد لـ(ترويل) العدالة والمساءلة»، معرباً عن أمله أن «يحقق هذا الحكم قدراً من العدالة، إلى عائلة ترويل».

وكان القضاء العراقي أصدر، أمس (الخميس)، حكماً بالسجن المؤبد بحق ضابط برتبة نقيب في «الحرس الثوري» الإيراني و4 عراقيين، قتلوا مواطناً أميركياً في بغداد، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وكان المواطن الأميركي ستيفن كرويل قد قتل في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، برصاص مجهولين، أثناء قيادته سيارته مع عائلته قرب إحدى الأسواق في الكرادة وسط بغداد، الأمر الذي أربك المشهد السياسي العراقي، خصوصاً أن هذا الحادث وقع بعد فترة قصيرة من تسلم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني منصبه رئيساً للوزراء أواخر شهر أكتوبر 2022.

هوية المواطن الأميركي ستيفن ترويل من على شبكات التواصل الاجتماعي بعد مقتله

وفيما عدّت عملية القتل تلك بمثابة رسالة واضحة باستهداف الحكومة الجديدة، رغم أن غالبية الأطراف السياسية القريبة من إيران مشاركة فيها، فإن توجهات رئيس الوزراء الجديد، والطريقة التي سوف يتعامل بموجبها مع ملف معقد مثل العلاقة الأميركية ـ الإيرانية المعقدة، التي طالما استخدم فيها الطرفان الأراضي العراقية مكاناً لتصفية حساباتهم، لم تكن تعرف بعد.

لكن رئيس الوزراء، فور الإعلان عن عملية الاغتيال، أمر وزارة الداخلية بإجراء تحقيق عالي المستوى في الحادث، والوصول إلى الجناة بأسرع وقت ممكن.

وطبقاً لبيان وزارة الداخلية، فإن عملية اعتقال المتهمين بقتل المواطن الأميركي جرت عبر «فريق عمل استخباري من وزارة الداخلية لمتابعة مجريات الحادث، وبجهد فني استخباري مكثف ولعدة أيام وفي مناطق وأماكن متفرقة، ومن خلال المعلومات المتوافرة، تمكن فريق العمل من تشخيص المنفذين والمرتبطين معهم، وعرضت الكيفية على القضاء».

وبعد إصدار الموافقات القضائية بالقبض عليهم، حيث «جرى تنفيذ أمر القبض لاحقاً، وخلال عملية التحقيق مع الجناة وبعد مواجهتهم بالأدلة الدامغة، اعترفوا بجريمتهم، كما تم إجراء كشف الدلالة الذي جاء مطابقاً لأقوالهم، وعلى ضوء ذلك تمت إحالة القضية إلى المحكمة المختصة، حيث أصدر القضاء العراقي، الخميس، حكماً بالسجن مدى الحياة بحقهم. وهم متهم يحمل الجنسية الإيرانية و4 متهمين عراقيين آخرون، بعد إدانتهم بقتل المواطن الأميركي».

وقال إن الرجال الخمسة اعترفوا بأن نيتهم كانت خطف ترويل وإطلاقه «مقابل فدية»، وليس قتله.

4 هاربين

وفيما كانت المفاجأة أثناء إصدار الحكم بإدانة إيراني ضمن «الحرس الثوري» مشارك في عملية الاغتيال، أعلنت وزارة الداخلية أن «الفريق الاستخباري والجهد المرافق له لا يزال يقوم بالبحث والتحري عن 4 متهمين آخرين من أصل المجموعة التي تم إلقاء القبض عليها، والمتورطة بهذه الجريمة، حيث تجري الآن ملاحقتهم ومتابعتهم بهدف القبض عليهم لينالوا جزاءهم العادل وتنفيذ الإجراءات القانونية بحقهم».

وفيما لم يكن يعرف في البداية أن هناك إيرانياً مشاركاً في محاولة الاختطاف، ومن ثم القتل بعد فشل محاولة الخطف، فإن بيان السلطات العراقية لم يحدد هوية الأربعة الهاربين الذين يجري البحث عنهم حالياً، على الرغم من أن اعترافات المدانين الخمسة الذين حكموا هي التي دلت عليهم.

وما لم يكن معروفاً للرأي العام إن كان الهاربون كلهم عراقيين أم أن من بينهم إيرانيين، على الرغم من أن المعلومات الأولية تشير إلى أنهم عراقيون ينتمون إلى فصائل متعددة. وطبقاً للمعلومات المتداولة، فإن المحكوم الإيراني بالسجن المؤبد، ويدعى «محمد علي رضا»، هو نقيب في «الحرس الثوري» الإيراني، ويعمل مستشاراً في أحد الأجهزة الأمنية العراقية، ويقيم في مقر ضمن منطقة الجادرية، بالعاصمة بغداد.

خفايا القانون

ووسط الأجواء الملتهبة التي أحاطت بعملية البحث عن القتلة ومحاسبتهم أياً كانوا طبقاً لأمر رئيس الوزراء الجديد، فقد أعلن فصيل مسلح غير معروف يدعى «سرايا أهل الكهف» مسؤوليته عن قتل الأميركي.

وطبقاً لمنشور الفصيل المسلح، فإن عملية قتل ترويل جاءت «انتقاماً لمقتل قاسم سليماني قائد (فيلق القدس) الذراع الخارجية في (الحرس الثوري)، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)».

لكن السلطات العراقية تجاهلت مثل هذه الادعاءات، كون الفصائل التي تملك السلاح والنفوذ هي في الغالب معروفة حتى للأميركان.

ورغم تحسّن الوضع الأمني في العراق منذ أعلنت حكومة بغداد «انتصارها» على «تنظيم داعش» في 2017، لا يزال العنف السياسي مستمرّاً. وتعرّض عدد كبير من الناشطين المناهضين للسلطة، بعد احتجاجات أكتوبر 2019، لحملة واسعة من الاغتيالات والخطف والتهديدات. ولم يُعلَن عن جرائم القتل والاختطاف هذه مطلقاً، لكنّ ناشطين يوجّهون أصابع الاتّهام إلى جماعات قوية موالية لإيران، يُعدّ وجودها أساسياً في العراق، ويشعرون باستياء من عدم محاسبة أيّ شخص، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي يوليو (تموز) 2020، اغتيل الخبير في الحركات المتشددة وشخصية المجتمع المدني، هشام الهاشمي، أمام منزله ووسط أبنائه في بغداد. وفي 2017، أحصت منظمة مسح الأسلحة الصغيرة وجود 7.6 مليون قطعة سلاح صغيرة في العراق، الذي كان عدد سكانه آنذاك يبلغ 39 مليون نسمة.

ويقول الخبير القانوني، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأحكام التي تصدر من محكمة الجنايات، سواء أكانت بالإحكام أم المؤبد، والمؤبد هو 20 سنة، يكون التمييز فيها وجوبياً، وفق المادة 245 من أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 حيث تقوم محكمة الجنايات بإرسال الملف تلقائياً إلى محكمة التمييز».

وأضاف التميمي أن «هذا الملف حين يرسل إلى (التمييز) يذهب إلى الهيئة العامة في تلك المحكمة حيث تنظر إلى الأحكام التي هي المؤبد والإعدام، وتعدّ هذه الهيئة هي الأعلى ضمن محكمة التمييز، وتتولى تدقيق الأحكام، وبالتالي تصدر قرارها بالاتفاق، أو الأكثرية، سواء بالمصادقة على القرار أو إعادة التحقيق ثانية أو إنقاص الحكم حتى تبديل الوصف القانوني للقضية».

وأوضح التميمي أنه «بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية، فإنه يمكن طلب إعادة المحاكمة إذا كانت هناك أدلة لم يتم الاطّلاع عليها، أو كانت مخفية، ويقدم في العادة من ذوي العلاقة أو وكلائهم».



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top