الجزائر ترفض قرار القضاء السويسري ملاحقة وزير دفاعها الأسبق


انشقاق يطيح بزعيم «حركة العدل والمساواة» السودانية

أطاحت مجموعة من قيادات «حركة العدل والمساواة» السودانية برئيسها جبريل إبراهيم، وزير المالية الحالي، وانتخبت سليمان صندل بديلاً له في قيادة الحركة التي تعد من أكبر الفصائل المسلحة في دارفور الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام في 2020.

وأعلنت القيادة الجديدة للحركة على الفور انضمامها إلى معسكر القوى السياسية الداعية إلى وقف الحرب والانتقال المدني.

وتوقع محللون سياسيون تحدثوا لــ«الشرق الأوسط» أن يلقي الانشطار الأفقي والرأسي الذي ضرب الحركة، وهي جزء من السلطة التنفيذية الحالية في البلاد، بظلاله على الوضع السياسي العام، وعلى وجه الخصوص في إقليم دارفور.

الدكتور سليمان صندل الزعيم الجديد لحركة العدل والمساوة(موقع الحركة)

وعقدت قيادات الحركة مؤتمراً استثنائياً في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في الفترة من 28 إلى 30 أغسطس (آب)، أعلنت خلاله انتخاب سليمان صندل، خلفاً للدكتور جبريل إبراهيم، المنتهية ولايته منذ عام 2020.

وكان جبريل أصدر قراراً في أغسطس (آب) الماضي بإعفاء عدد من القيادات من مناصب نافذة في الحركة، من بينهم الرئيس الجديد، الذي كان يشغل منصب الأمين السياسي، وأحمد تقد لسان، أمين السلام والتفاوض، وآخرون من القيادات التنظيمية والإدارية للحركة.

وعلى الرغم من الانقسامات الكثيرة التي ضربت «حركة العدل والمساواة» في السابق، فإن هذا الانشقاق الأخير يعد الأكثر تأثيراً، نظراً لما ضمّه من قيادات تاريخية للحركة، وانحياز عدد من القادة العسكريين للقيادة الجديدة التي شاركت في المؤتمر الاستثنائي.

من تأييد الانقلاب إلى العمل على وقف الحرب

وعبّرت القيادة الجديدة عن توجه مغاير، وأدانت مساندة جبريل إبراهيم للإجراءات العسكرية التي قام بها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، والتي أطاحت بالسلطة الانتقالية، وحملته مسؤولية تهيئة المناخ للانقلاب.

وأكدت القيادة الجديدة على ضرورة العمل مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني للبحث عن حل سياسي شامل يوقف الحرب ويؤسس لانتقال ديمقراطي مدني، كما شددت على الالتزام الصارم باتفاقية جوبا للسلام والعمل على تنفيذها نصاً وروحاً.

وتولى جبريل إبراهيم رئاسة الحركة عقب مقتل شقيقه خليل إبراهيم، مؤسس الحركة وقائدها، بغارة صاروخية من الجيش السوداني في منطقة وبندة في ولاية شمال كردفان عام 2011.

حذّرت الأمم المتحدة من «كارثة إنسانية» في السودان (رويترز)

ولم يصدر عن جبريل إبراهيم أي تعليق بخصوص المؤتمر الاستثنائي، لكنه سارع (الخميس) إلى عقد اجتماع تشاوري موسع لقيادات الحركة في مدينة بورتسودان، شرق البلاد، أكد فيه أن الاجتماع ليس بمؤتمر عام، على الرغم من أنه يجوز تسميته كذلك.

ودعا المؤتمرون إلى التركيز في الفترة المقبلة على التعجيل بتحول الحركة إلى حزب سياسي، وإعادة كتابة رؤية تنظيمية وسياسية بصورة مبسطة.

في المقابل، قال الطاهر الفكي، رئيس المجلس التشريعي – جناح جبريل إبراهيم، إن الإعلان الذي أصدره نفر من أعضاء الحركة في أديس أبابا لم يصدر من الجهة المختصة بالدعوة إلى مؤتمر عام للحركة، وهم يعلمون أن الطريق التي يسلكونها تمثل تسلطاً من الأقلية على الشرعية.

وقال الفكي إن «المؤتمر المزعوم لا سند دستورياً له، ولا يجوز تسميته بمؤتمر عام للحركة، ولن يعتد بمخرجاته»، مؤكداً أن الحركة قوية ومتماسكة سياسياً وعسكرياً تحت قيادة رئيسها جبريل إبراهيم، داعياً المجموعة المنشقة إلى تحكيم صوت العقل والعودة إلى الحركة.

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)

ويقول المحلل السياسي صلاح الدين الدومة، وهو متخصص في شؤون دارفور، إن السبب وراء الانشقاق الذي تعرضت له «حركة العدل والمساواة» هو «الأخطاء الكبيرة والمستهجنة التي ارتكبها جبريل إبراهيم على مستوى إدارة الحركة في وزارة المالية»، مشيراً إلى أن «هذا التسلط جلب له كراهية، حتى داخل الحركة».

وأضاف الدومة أن ما تم داخل الحركة لا يمكن تسميته بالانقلاب أو الانشقاق، وإنما «إزاحة لرئيس الحركة بالوسائل التي يتيحها الدستور والنظام الأساسي المقيد لأعمال الحركة، بتحديد دورتين فقط في رئاسة الحركة»، مشيراً إلى أن دستور الحركة لا يسمح بترشح جبريل إبراهيم مرة أخرى.

القيادة الجديدة مع المسار الديمقراطي

وأوضح الدومة أن «المجموعة الجديدة التي تقود الحركة قرأت المشهد السياسي جيداً، ووصلت إلى قناعة بأنه لا مستقبل لسلطة الانقلاب الحالي، لذلك سارعت إلى اللحاق بقطار القوى الداعية لاستعادة الانتقال الديمقراطي في البلاد».

وقال الدومة إن القيادة الجديدة للحركة عبرت عن توجهات جديدة، بإعلان رغبتها في الانضمام إلى ركب القوى الديمقراطية، وبالتالي من المتوقع أن تنخرط في تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير».

وأكد الدومة أن التغيرات العميقة التي جرت في «حركة العدل والمساواة» تضعف معسكر القوى الداعية إلى الحرب، الذي يسانده رئيس الحركة السابق جبريل إبراهيم، ويقوي المعسكر الرافض لاستمرار الحرب، الذي يعمل على إيقافها، وهو التوجه الذي أعلنت عنه المجموعة في مؤتمر أديس أبابا.

مقاتلون في قافلة عسكرية ترافق حاكم ولاية دارفور السودانية في أثناء توقفها شرق القضارف في الطريق إلى بورتسودان في 30 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، أسامة بابكر، أن خروج تيار من «حركة العدل والمساواة» وإعلان قيادة جديدة للحركة أمر له مبرراته وأسبابه، وعلى رأسها تمسك جبريل إبراهيم بالرئاسة ورفضه مغادرة المنصب نهائياً، على الرغم من إكمال دورتين في رئاسة الحركة.

وأضاف أن جبريل إبراهيم لا يريد التنازل عن المكاسب التي حققها عبر اتفاق جوبا للسلام، بمشاركته في السلطة التنفيذية وتوليه منصب وزير المالية، لذلك يتشبث بقيادة الحركة ويرفض التنازل عنها نهائياً، مشيراً إلى أن القيادة الجديدة أعلنت خلال المؤتمر الاستثنائي تمسكها الصارم باتفاق جوبا للسلام، ولذلك ستتحرك باتجاه منازعته في اتفاق جوبا الموقع باسم الحركة وشعب دارفور.

وتوقع بابكر أن يكون للانشقاق في «حركة العدل والمساواة» أثر كبير على الأوضاع السياسية في البلاد، بانضمام مجموعة جديدة إلى القوى السياسية والمدنية التي تناهض الحرب وتعمل على إيقافها، كما توقع أن يؤثر الانقسام بشكل حاد في تأجيج الحرب في دارفور.

وبرز الخلاف داخل «حركة العدل والمساواة» بعد أن اتهم جبريل إبراهيم الرئيس الجديد سليمان صندل ومجموعة أخرى بلقاء القائد الثاني في قوات «الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو، في إنجمينا عاصمة تشاد، إلا أن المجموعة نفت بشدة انعقاد هذا اللقاء.

وتفاقم الخلاف أكثر داخل «حركة العدل والمساواة» بعد الانتقادات غير المباشرة التي وجّهها سليمان صندل لـ«حركة العدل والمساواة» بدعم ومساندة خفية لـ«الطرف الثالث» المشارك في الحرب، في إشارة منه إلى كتائب النظام المعزول، وهو ما دفع جبريل إلى التعليق بأن هذا الموقف شخصي ولا يعبر عن الحركة.



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top