اللهجة الإماراتية.. قاموس ثري يصونه الأجداد



تحقيق: عائشة خمبول الظهوري

تحمل اللهجة الإماراتية طابعاً فريداً يعكس ثقافة وتراث الدولة، إذ إنها تتصف بالعديد من السمات المميزة والنغمة الاستثنائية باستخدام الكلمات المحلية والعبارات الشائعة في المحادثات اليومية سواء لوصف شيء ما أو الإشارة إلى أي فعل. وتختلف اللهجة الإماراتية باختلاف المنطقة نفسها، ومع تغير الزمان والتأثيرات الثقافية الحديثة قد يتغير استخدام اللهجة في الحياة اليومية، ولكن الأجداد والجدات غالباً ما يحملون معهم قاموس وتراثاً غنياً بمصطلحات بدأت تختفي وتظهر كالظل بين الأمور، وكأنها صورة بدأت تتلاشى من ذاكرة الزمن تاركة أثراً خافتاً من زمن مضى.

يختلف وقع الكلمة باختلاف المكان والزمان؛ فهناك مصطلحات قديمة في بعض المناطق المتفرقة تدل على فعل أمر ما، كما أشارت الوالدة حليمة الخزيمي إلى ذلك بقولها: «لطلب إحضار أي غرض في البيت استخدم كلمة «هتي» أي اجلبي الشيء، وكما تشتهر الإمارات بالضيافة والكرم ازدادت الكلمات الترحيبية لإكرام ضيوفنا، كما هو الحال مع كلمة «اهبش» أي تفضل على الطعام وتقال للمرأة «اهبشي»، ولكي أطلب من أحدهم الذهاب بعيداً أقول «غادي»، وتوارث أحفادي تلك الكلمات مع تغيير مواضع الحروف لتصبح أخف وزناً على اللسان مثل كلمة «هتي» لتصبح «هاتي»، و«غادي» لتحل مكانها «سيري». وتضيف حليمة الخزيمي: «لم أغير قاموسي القديم مع عائلتي وإلى الآن أقول «زري» لكي أطلب من الذي أمامي التسريع في الخطوات البطيئة والتي يستغربها الصغار إلى الآن، كما أنني دائماً ما أردد عند الاستئذان كلمة «تيمل» وهي تعني إذا سمحت بصيغة أخذ الإذن لفعل الشيء، بالإضافة لوصف تنظيف مكان ما أقول «بقشب» أي سوف أنظف المكان».

اختصار

علاوة على الأفعال هناك كلمات وصفية تختصر الشرح العميق لشيء ما، وكما تقول موزة العبدولي: «في معظم الأوقات أجلس وأخوتي مع جدتي في«الحوش» ونتقاسم الأحاديث والقصص القديمة ولعل في ذلك كسباً لمصطلحات لم أعد أسمعها في المدرسة وسط جيلي الحالي، ومع الأحاديث وهبوب الرياح الباردة وتلاشي الشمس بعيداً أمدد رجلي وابدأ «أنود» أي يبدأ النعاس يغلبني، وهذه الكلمات قطرة من بحر المفردات التي ورثتها من جدتي، بالإضافة إلى كلمة «دِهْديِّه» وتستخدم للاستعجال، أي انجز عملك بشكل أسرع، مثل قول «تعال دهديه» أي ارجع بسرعة». ولا تزال هناك بعض المفردات المستخدمة في جميع المناطق تقريباً، كما تشير عائشة الزيودي بقولها: «لتفصيل الملابس الجديدة لابد من اختيار «الخلّقة» بعناية تامة، وهي قطعة القماش المستخدمة للباس، فكما كانت ترددها جدتي في الماضي ما زلت أسمعها في منزلنا وفي عدة منازل أخرى، بالإضافة إلى كلمة «السداح» وتعني قطعة القماش التي تلبس على الرأس ولكنني لم أعد أسمعها بكثرة في هذا الوقت».

ولاستنكار غياب بعض المصطلحات القديمة في بيوت اليوم، تقول صالحة الحنطوبي: «معظم الكلمات العتيقة تعد اختصاراً لوصف طويل فهي المستحب استخدامها في هذا الجيل، مثلاً «هالنمونة» أن تم تفكيك هذه الكلمة لأصبحت تعني هذا الشيء أو هذا الشكل، مثلاً يقال ( أبا من هالنمونة ) أي أريد من هذا الشيء، وكلمات أخرى تضيف لحناً خاصاً بها مثل «أوري الضو» أي اجعل النار مشتعلة وجاهزة سواء للتدفئة أو حتى الطهي»، ولوصف لطافة الشيء وجماله يقال «غاوي»، والكلمة بوقعها تبدو جميلة وملأى بالمدح سواء للشخص أو الأغراض بالإضافة لكلمة «غرشوب» وهي دلالة لوصف الشيء الجميل».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top