الشارقة: عائشة خمبول الظهوري
تنوع الثقافات المختلفة حول العالم أمر حتمي، ومع اختلاف العادات والتقاليد تتغير الطقوس من منطقة إلى أخرى، كما تتعلق الوفاة بشعائر اجتماعية متوافقة مع طبيعة الحدث، ولعل القاسم المشترك بينهما هو شعور الحزن، وأحياناً إقامة حداد لروح الفقيد ورغبة في إكرام ذكراه، وتختلف الطقوس باختلاف العادات والتقاليد والمعتقدات الدينية، كما هو الحال مع مهرجان مدغشقر الغريب مع الموتى «فاماديهانا».
«فاماديهانا» أو تقليب العظام جزء من تقاليد شعب «المالاغاشي» في مدغشقر مع الموتى، إذ يقوم المشاركون بإخراج جثث أمواتهم من الأضرحة ثم يلفونها في قماش جديد ويحملونها ويرقصون بها على إيقاع موسيقى صاخبة قبل دفنها مرة أخرى، وعلى عكس ما قد يتبادر إلى الذهن من رفض الفكرة، إلا أنها بحسب اعتقادهم تعبر عن الحب ولم شمل الأسرة، إذ يجتمع كل أفرادها للبحث عن رفات الأجداد واستحضار أرواحهم، وأن يجعلوهم يجربون أفراح الحياة مرة أخرى حتى بعد انتقالهم إلى العالم الآخر.
يبدو أن تقليد «الفاماديهانا» جديد بعض الشيء، إذ من المعتقد أنه تأصل في التراث الآسيوي وتم نقله إلى مدغشقر في القرن السابع عشر الميلادي، كما يهدف هذا المهرجان العجيب إلى تعليم الأطفال كيفية التواصل مع أرواح الأجداد، إذ يقتنع الأهالي في مدغشقر بأن الإنسان خلق من بقايا الأجداد، وليس من الطين مثلما نعتقد نحن، لذا يكون هذا المهرجان مناسبة مهمة للتواصل مع الأسلاف، كما أصبح هذا التقليد معتاداً في مدغشقر إذ يقام كل 7 سنوات ويمتد لمدة 3 أيام.
في الحاضر، انحدر تقليد «الفاماديهانا» بسبب ارتفاع أسعار الأكفان وبسبب اعتقاد بعض «المالاغاشي» أنه تقليد متخلف، كما أن المبشرين الأوائل في مدغشقر حاولوا إيقاف هذا التقليد، والكثير من «المالاغاشي» المسيحيين الإنجيليين أهملوا هذا التقليد، وفي الحاضر، توقفت الكنيسة الكاثوليكية عن بذل جهودها لإيقاف هذا التقليد وبدأت تعتبره تقليداً اجتماعياً وحضارياً وليس دينياً، وكما قال أحد «المالاغاشي» لشبكة بي بي سي الإخبارية: «الفاماديهانا مهم لنا لأنها طريقتنا في احترام الموتى، إنها أيضاً فرصة لتجمع العائلات من أقاصي مدغشقر».