الدراما اللبنانية.. تعثر مستمر | صحيفة الخليج



بيروت: هناء توبي

رغم تزايد الإنتاج الدرامي في لبنان، لا تستطيع شركات الإنتاج اللبنانية فرض الأعمال اللبنانية المحلية في الدول العربية، عبر الشاشات الأرضية والإلكترونية على حد سواء، لكنها بلا شك تنتج دراما مشتركة يشارك فيها العاملون بالقطاع الفني اللبناني والسوري، كما أنها تعرّب عن التركي، وتمتد في تصوير بعض الأعمال إلى الخليج ومصر وتركيا، وتقدم خلطة من المسلسلات الطويلة والقصيرة على امتداد العام وليس حصراً في رمضان.

تحايلت شركات إنتاج الدراما في لبنان على الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة، وظلت تنتج، لكنها بقيت معرضة عن الدراما المحلية، المتهمة بالضعف، جراء الميزانيات الضعيفة التي تضخ لأجلها، ما أسهم في غيابها إلى حد بعيد، وهو ما يقض مضجع الغيورين على الدراما اللبنانية، ويحثهم على إعلاء الصوت لدعم الدراما المحلية وعدم تغييبها لصالح المشتركة.

عن هذا الواقع يقول نعمة بدوي، نقيب ممثلي المسرح والسينما الإذاعة والتلفزيون، إن الدراما المحلية تعيش المعاناة لعدة أسباب، أبرزها تقاعس المحطات التلفزيونية عن القيام بدورها، إذ رغم أن التلفزيونات أُنشئت وحصلت على تراخيص ضمن قانون تنظيم إعلامي يفرض عليها ساعات عرض للإنتاج المحلي، والقيام بدورها في الإنتاج، فإنها ارتأت، وفق مصالحها الخاصة، أن تشتري الجاهز المعلب المكسيكي والأرجنتيني والتركي المدبلج، لأنه أرخص ثمناً، كما خرقت شركات الإنتاج القوانين التي تحمي الممثل اللبناني، وصارت كأنها منتج منفذ لرغبات من يُعلي من شأن الممثل الأجنبي على حساب الممثل اللبناني القابع في منزله بلا عمل. ونحن في العموم مع الأعمال المشتركة التي تحرك عجلة السوق نسبياً لكن بشرط ألا تقوم على إلغاء المحلي الجيد الذي كان قد حقق منذ زمن بعيد نجاحاً ساحقاً.

الكاتب شكري أنيس فاخوري يشير إلى تأييده لكل التجارب الفنية التي تجعلنا ننهض بالدراما، ونقترب من الواقع وننفتح على السوق العربي الواسع، وقال: «أنا مع المسلسل الطويل والسريع وكل ما يحبب المتلقي بما نقدمه ولا ينفره من المشاهدة، حتى إنني بدوري أشاهد الأعمال التركية والخليجية والعربية ولا أتخذ موقفاً معادياً لها، وأرى أنه من اللازم أن نشاهد كل شيء شرط ألا نلغي من حظ مشاهداتنا الخاصة، فهناك أعمال جيدة نفتخر بها، ونحن بدورنا نشهد ولادة أعمال متنوعة، منها ما هو ثمين ويقدمنا خطوة نحو الإمام، ومنها السيئ الذي يجعلنا واقفين في نفس النقطة، الأمر الذي يدفعني للمطالبة بضخ المال لأجل الأعمال الجيدة التي ترفع اسم الدراما المحلية في الخارج، كما أني أطالب شركات الإنتاج بتبني الممثل اللبناني وإعطائه الفرص اللازمة، فنحن بلا شك مستمرون ونجابه التحديات وأزمات التسويق والتسليف والتأجيل أيضاً، ولكن يلزمنا النظر بعين التقدير أكثر».

نصوص واقعية

تقول الكاتبة منى طايع: «لدينا في لبنان نصوص جيدة واقعية ومستلهمة من حياة الناس وتصلح لعمل درامي محلي، لكن لدينا أزمة تسويق المحلي إلى المنصات التي تحظرنا لأسباب سياسية، وتخفض أسعار أعمالنا، الأمر الذي دفعنا لتقديم أعمال مشتركة عززت عجلة الإنتاج بشكل عام، والدراما لا تتقدم إلا في البلدان التي تنظر إليها نظرة إنتاجية من قبل الدولة، فالدراما السورية منذ بدايتها كانت مدعومة من قبل الدولة التي تعتبرها صناعة ربحية، وكذلك حال الدراما التركية والمصرية، واليوم الدراما الخليجية التي تتطور، أما نحن في لبنان فلم نحظ بهذه الفرص.

وتقول الممثلة ورد الخال إن المعضلة الأساسية تتمثل في عجز شاشاتنا المحلية عن الإنتاج في الوقت الراهن، فهي تعاني عجزاً مادياً منذ سنوات، ورغم أنها تبالغ في التسويق للأعمال التركية تحت ذريعة أنها أرخص ثمناً، فإنه لو لم يكن لديها شغور درامي محلي، لما كانت الدراما التركية اخترقتها بهذا الشكل.

لمقارنة الصعبة

يعتبر المخرج سمير حبشي أن الدراما ظاهرة اجتماعية ترتبط ارتباطاً جدلياً بوضع البلد، والفنون عامة لا تعيش بمعزل عن السياسة والاقتصاد، كما أن العاملين في القطاع الفني أكثر من يتأثرون في الأزمات.

ويضيف: نحن بلد صغير ننتج على قياسنا ولا يجوز مقارنتنا بالإنتاجات المصرية والسورية لجهة الكمية، أما لجهة النوعية فأعمالنا جيدة جداً، ولدينا طواقم من الكتاب والمخرجين والممثلين المتمرسين لكن المنتجين يخضعون لرغبات الشاشات، ويختارون طاقم عمل من السوريين وقلة من اللبنانيين ولا يبادرون لصناعة نجم لبناني رغم أنهم قادرون على ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top