الرغيف وعلف الحيوان ‏


منذ أيام قليلة قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، إنه فيما يتعلق برغيف الخبز ‏فهناك 275 مليون رغيف يوميًا يتم خبزها من الفجر وحتى الصباح، مما يعنى 100 مليار ‏رغيف فى السنة وتكلفة فاتورة رغيف الخبز 91 مليار جنيه على الدولة، والسؤال الذى ‏نطرحه على الحكومة المصرية: هل تم وضع استراتيجية عمل تتضمن دراسة وتشخيص ‏وتناول المشكلة بالعلاج؟ بالطبع لم يحدث ولن يحدث لأن الرؤية التى تدير ملفات الداخل هى ‏موروث الماضى البعيد ووليدة موروث الماضى القريب لنظام مبارك القائم على التجميد ‏والاستسلام مع ركوب ظهر المشكلة والسير بها وعدم مواجهتها بالعلاج، وفى هذا المقال ‏سنطرح المشكلة وأبعادها ونتناولها بالعلاج والحل.‏
معروف أن الدولة المصرية هى أكبر دولة تستورد القمح من الخارج، وتمثل تلك النقطة ‏عبئًا كبيرًا ليس على ميزانية الدولة، بل على الأمن الغذائى لها الذى يمثل أحد روافد قوتها ‏لمواجهة تحديات الخارج، فالذى لا يملك رغيفه لا يملك فراره ولا يستطيع استخدام سلاحه ‏لان الرغيف هو حائط الصد الأول ومن ورائه البندقية، وبالنظر إلى استهلاك المواطن ‏المصرى من الرغيف نجد أنه يستخدم ثلاثة أضعاف ما يستهلكه المواطن فى الدول الأخرى ‏والسؤال المطروح لماذا؟ ‏
الإجابة لا تتمحور فى ثقافة الاستهلاك كما يتناولها البعض، بل هى مرتبطة كليًا بكل مكملات ‏الأمن الغذائى المصرى المتمثل فى كل الزراعات التى تدخل فى العلف الحيوانى والأمن ‏الغذائى للإنسان مثل القمح والذرة والفول الصويا والعدس والفول البلدى والأرز والطماطم ‏والبطاطس وكل الزراعات الأخرى التى تدخل فى صناعات الأعلاف الحيوانية، ومن هنا تأتى ‏الأسباب الخاصة بارتفاع استهلاك المواطن المصرى من الرغيف عن نظيره فى الدول ‏الأخرى.‏
فالرغيف يستخدم ما يقارب الثلث منه فى وجبات غذاء للمواطن ويذهب الثلثان منه كبديل ‏للعلف الحيوانى «للطيور والمواشي» وترجع أسباب ذلك إلى غلاء العلف الحيوانى بشكل ‏يجعل المواطن يعجز عن شرائه مقابل الرغيف الذى يعتبر علفًا للطيور أو الحيوان مجانى، ‏فالحل يتمحور فى وضع استراتيجية زراعية لزراعة المحاصيل والزراعات التى تجعل لدينا ‏اكتفاء ذاتى من أعلاف الحيوان والطيور مع صناعتها محليًا، وعند حدوث ذلك يتم تحرير ‏الرغيف من الدعم، عندها سيقوم المواطن بشراء ما يحتاجه فقط، ولذا سيكون ما نزرعه ‏وننتجه من قمح وزرة شامية حاليًا كافى للاستخدام.‏
ولحدوث ذلك يلزم وضح استراتيجية زراعية قائمة على تحديد دورات زراعية لزراعة تلك ‏المحاصيل التى توفر إنتاج وصناعة العلف الحيوانى، تلك الاستراتيجية بالطبع لن تكون عن ‏طريق ما يحدث حاليًا من بيع الأراضى المستصلحة حاليًا للشركات الكبرى بأبخس الاثمان، لأن ‏ذلك ليس فى صالح الأمن الغذائى المصرى، لأن تلك الشركات تستهدف الربح فقط وبيع ‏المنتجات للخارج، بل لا بد من الاعتماد على الفلاح المصرى التقليدى صاحب المساحات ‏الزراعية الصغيرة.‏

 



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top