ميلاد المسيح هو ميلاد الأبدية



لا شك أن الفداء هو السبب الأساسى للتجسد، جاء الرب إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل ذاته عن الكثيرين، جاء السيد المسيح ليوفى العدلى الإلهى ولينوب عن البشرية فى الموت وفى كل ما هو مطلوب منها أن تعمله نحو إرضاء الله لكى تكون لهم حياة أفضل. لقد كانت خطة الفداء ماثلة فى فكر الله منذ سقوط الإنسان الأول، وأول ما نتذكره فى عيد الميلاد المجيد هو أن الله يسعى دائماً لخلاص الإنسان حتى لو كان الإنسان لا يتهم بأبديته بأى طريقة، لأنه يريد خلاص الجميع.

 عندما تجسد كلمة الله فى صورة بشرية فقد جسد على أرضنا فى صورة مرئية وبذلك صار الله الحى متجلياً فى صميم الواقع البشرى حتى لا يبقى الإنسان جاهلاً مصدره أو غريباً عن خالقه.

 قد تجسد ابن الله الأبدى فى حاضرنا الزمنى، لكى يملأ حاضرنا بما هو أبدى، ويجعل مستقبلنا الأبدى مشرقاً بالرجاء، لأن ما نعيشه من شركة الحياة مع الله بالمسيح هو البدايات الأولى التى ستنمو معنا وتستمر وتزدهر، حيث فى الأبدية تبلغ كمال ملئها «لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله» (أف 19:3). هذا التجسيد للحياة الأبدية أمام عينى الإنسان، هو فى ذات الوقت دخول حياة الله إلى عالم الإنسان، لكى يدخل فى شركة الحياة والخلود مع الله، ويحيا معه إلى الأبد «لذى رأيناه وسمعناه نخبركم به لكى يكون لكم أيضاً شركة. وأما شركتنا نحن فهى مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح» (أيو3:1).

 بهذا صارت الحياة الأبدية حقيقة أمام كل إنسان تشتهى نفسه إلى حياة الملكوت، فعندما يؤمن الإنسان بالمسيح يسوع، ولد من فوق ويسير فى طريق النور، تحل فيه حياة المسيح وهى حياة روحية لضمان النمو الداخلى وتغيير الحياة الإنسانية باستمرار إلى الأفضل، ولتزويد المؤمنين بكل مقومات الحياة كقوة إيجابية فعالة ساكنة فى الإنسان، هذه هى الحياة الأبدية التى جاء السيد المسيح مجسداً إياها أمام الإنسانية. 

 فنفرح اليوم بميلاده العجيب ونسبح مع الملائكة قائلين: «المجد الله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة».

 

الدكتور رفيق رمسيس مرقص



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top