حصن القصر.. ذكريات رومانية في صحراء مصر الغربية
القاهرة: «الخليج»
يصافح حصن القصر بواحة الفرافرة في مصر، وجه الصحراء الغربية كل صباح، ليروي للزائرين من عشاق الطبيعة والسفر، حكايات منسية عن تاريخ موغل في القدم، عندما أنشأه الرومان، كواحد من بين العشرات التي انتشرت في تلك الصحراء الواسعة، للدفاع عن حدود مصر الغربية.
تتناثر أطلال الحصن على تبة عالية عند مدخل واحة الفرافرة، وتمتد على شكل مربع بطول يصل إلى نحو 55 متراً، وارتفاع عشرة أمتار، يتخللها ما تبقى من أساسات حجرية، يصل ارتفاع بعضها إلى نحو مترين، كانت تحمل أسوار الحصن العالية، التي تم بناؤها بالطوب، وتتخللها بوابته العالية التي كانت تطل على الصحراء من الناحية الشرقية، وتأخذ الداخل عبر ممرات متعرجة تشبه المتاهة، إلى داخل الحصن، الذي كان يضم في ذلك الزمان الغابر، بئراً لمياه الشرب، كان يتم استخدامها في حالة الحصار.
يتضمن الحصن حسبما تكشف أطلاله المتبقية، 116 حجرة محصنة من المرجح أنها كانت مخصصة لسكن الجند، قبل أن تتحول بعد مرور فترة طويلة من الزمن إلى مخزن للغلال.
ويروي الرحالة الأوروبي فريدريك كايو، في كتاب أصدره حول زيارته الأولى لواحة الفرافرة في نهايات العام 1819ميلادية، ملامح الحياة في المنطقة المحيطة بالحصن، وكيف كان السكان المحليون يقطعون الفيافي على ظهور الجمال، للوصول من الواحات الداخلة إلى مدينة ديروط القريبة، لشراء ما يحتاجونه لمواصلة حياتهم، قبل أن يوثق د.أحمد فخرى، شيخ الأثريين في مصر، قصة هذا الحصن، في كتاب الصحراوات المصرية الصادر في سبعينات القرن الماضي، وكيف أن حجراته تم ترتيبها في صفوف، لكل حجرة منها باب مصنوع من أفلاق جذوع النخيل، وقد كان الوصول إلى الحجرات العليا يتطلب استخدام سلالم من جذوع النخيل.
تحولت الغرف الحربية لحصن القصر مع مرور الأيام، إلى مخازن استخدمها السكان المحليون في تخزين محاصيلهم الزراعية، حيث كان لكل أسرة حجرة خاصة، تستخدمها في تخزين فائض محاصيلها، من القمح والبلح والزيتون المجفف والمشمش، وقد كانت تلك المحاصيل تحت حراسة امرأة، كانت تلقب بالحاجة سعيدة، ويقول د.فخري نقلاً عن عجائز الواحة، إن سعيدة كانت تتمتع بذاكرة حديدية.