أحدث النجم جيرار دوبارديو شرخاً واسعاً في أوساط السينما الفرنسية، مع معسكرين متعارضين يتبادلان الانتقادات، إثر عرض وثائقي عن الممثل أثار فضيحة في البلاد، في قضية اتخذت منحى سياسياً في فرنسا بعد أن سقط عن عرش السينما الفرنسية إثر عرض لقطات تظهره يتفوه بسيل من التعليقات المعادية للنساء. ولا يزال الممثل البالغ 75 عاماً، الذي تستهدفه أيضاً ثلاث شكاوى تتعلق بالاعتداء يدحضها تماماً، يثير الانقسام والجدل.
وقد وصلت ترددات القضية إلى رأس الدولة، إذ شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة الالتزام بمبدأ قرينة البراءة في التعامل مع قضية الممثل، معتبراً أن إرثه السينمائي يجعل فرنسا «فخورة».
قد أثارت هذه التصريحات استياء كبيراً في الأوساط النسوية ولدى شخصيات عدة بينها سلفه فرنسوا هولاند الذي أشاد ب«شجاعة الضحايا». ومن بين اللواتي رفعن الصوت ضد دوبارديو، أنوك غرينبرغ و«فتاة جيمس بوند» صوفي مارسو، التي نددت بسلوك الممثل «المتربص» في عام 2015، وكررت انتقاداتها له في حديث لمجلة «باري ماتش».
وقالت مارسو، التي شاركت التمثيل مع دوبارديو في بداية مسيرتها في فيلم «بوليس» عام 1985 «لطالما كان الابتذال والاستفزاز سلاحه الرئيسي».
واعتبرت الممثلة الفرنسية إيزابيل كاريه من ناحيتها في تصريحات نشرتها مجلة «إيل» الأربعاء أن «الوقت قد حان وبشدة لأن يتوقف هذا التمييز ضد النساء كله».
أما الممثلة شارلوت أرنو، التي تقدمت بشكوى ضد دوبارديو وُجه على أثرها اتهام له سنة 2020 بالاعتداء، فتعتمد موقفاً أكثر تكتماً. وشكرت الممثلة الشابة متابعيها عبر إنستغرام قائلة «أتلقى الضربات. لست في أفضل حالاتي». وردت على الانزعاج الذي عبرت عنه الممثلة وشريكة حياة دوبارديو السابقة كارول بوكيه، بعد التوقيع على العريضة المنددة بالممثل قائلة «كان عليك أن تفكري في الأمر من قبل، أليس كذلك؟!». في المقابل، ثمة آخرون من أمثال كلوتيلد هيسمي أو جوديت شيملا، من بين أكثر من 600 فنان وقعوا على «مقالة مضادة» نشرتها مجموعة Cerveaux non disponibles («أدمغة غير متوافرة»).ويندد هؤلاء الفنانون بمقالة نشرتها صحيفة «لو فيغارو» أوائل الأسبوع الحالي ووقعتها نحو ستين شخصية سينمائية معروفة في فرنسا وخارجها، دعوا فيها إلى «عدم محو» جيرار دوبارديو.
وشارك في التوقيع على هذه العريضة المخرج برتران بلييه، والممثلتان ناتالي باي وشارلوت رامبلينغ، والممثلون جاك فيبر، وبيار ريشار وجيرار دارمون، والمغنون روبرتو ألانيا وكارلا بروني وأرييل دومبال أو المغني جاك دوترون. وجاء في هذا النص «لم يعد بإمكاننا أن نبقى صامتين في وجه الإعدام بلا محاكمة في حق دوبارديو، في انتهاك لمبدأ قرينة البراءة الذي كان ليستفيد منه، مثل أي شخص آخر، لو لم يكن عملاق السينما الذي نعرفه». لكنّ بعض الموقعين، مثل كارول بوكيه أو نادين ترينتينيان، أعربوا بعد ذلك عن انزعاجهم.
وقالت كارول بوكيه على إنستغرام «لقد وقّعت، لكني مع ذلك لا أؤيد الأفكار والقيم المرتبطة بالصحفي الذي يقف وراء هذه المقالة. منحه الفرصة للظهور من خلال جيرار، كما يمكنكم أن تتخيلوا، يُشعرني بالانزعاج الشديد».
والمقصود في ذلك الممثل المغمور يانيس الزيادي، المقرب من جولي دوبارديو، ابنة الممثل. الزيادي الذي يقف وراء المقالة، هو كاتب افتتاحيات في مجلة كوزور المحافظة للغاية، ووُصف في تحقيق أجرته صحيفة لوموند بأنه «قريب من الحركات الهوياتية والرجعية». ولم يكن الزيادي متوفراً للتعليق الجمعة.