- العباءة الإماراتية رصيد ثقافي في مسار الموضة العالمية
- تزايد الاهتمام بالمنسوجات القديمة يبشر بإعادة التدوير
حوار: مها عادل
نجحت دبي خلال السنوات الماضية أن ترسخ مكانتها كنقطة جذب للمبدعين في جميع المجالات ومن أنحاء العالم، كما أصبحت محط أنظار صناع الموضة والأزياء، حيث تعتبر وجهة إبداعات كثير من المصممين العالميين، واستقطبت بنجاحها وريادتها أحد أشهر معاهد تعليم صناعة الأزياء وهو «معهد مارانجوني» الإيطالي العريق الذي يمتد تاريخه لأكثر من 88 عاماً من العطاء وتأهيل المتخصصين بمجال الموضة والأزياء، والذي اختار أن تكون دبي مقراً جديداً له بالمنطقة ونقطة ارتكاز محورية لتعزيز المواهب الإبداعية.
يقول روبرتو لا إياكونا، المدير الإداري لمعهد «مارانجوني دبي»: تأسس المعهد عام 1935 في ميلانو، وفتح أبوابه للطلاب في عواصم الموضة والفن والتصميم الكبرى حول العالم، مثل: ميلانو، وفلورنسا، ولندن، وباريس، وشنغهاي، وشنتشن، وميامي، ومومباي. واخترنا دبي لتكون الخطوة التالية لمكانتها المعترف بها عالمياً كعاصمة للفنون والموضة وللرفاهية والترفيه وأسلوب الحياة الراقي. وهي نقطة التقاء للثقافات وتحتضن عشرات الجنسيات بتناغم كامل، حيث تعتبر مركزاً سياحياً عالمياً، ولوجستياً، ومالياً، ومركزاً تجارياً رئيسياً للتجزئة في المنطقة، وتمتلك مشهداً إبداعياً سريع النمو وحيوياً يناسب توجهاتنا.
ويتابع: «بعد انتهاء فعاليات معرض إكسبو دبي، ما زالت الإمارة تشهد تحولاً مستمراً وتطوراً ملحوظاً، ما أثبت لنا ضرورة الوجود هنا بهذا التوقيت بلا أي منافس لها حول العالم، ويسعدنا أن نؤكد أن غالبية طلابنا الذين التحقوا بالمعهد حديثاً، من جنسيات متعددة واختاروا القدوم إلى دبي لكونها الوجهة المفضلة لدراساتهم، نتيجة لإدراكهم أهمية الإمكانات الكبيرة التي توفرها هذه المنطقة بشكل عام ودبي بالتحديد».
وعن معدل جذب المعهد للمواهب المحلية بالدولة بمجال صناعة الأزياء يقول: «فخورون بأننا استقبلنا 90 طالباً جديداً هذا العام، وهي تعد نتيجة رائعة بعد أن فتحنا أبوابنا في سبتمبر 2022. وبالتحديد 63% من طلابنا يأتون من الخارج خصيصاً للدراسة بدبي، في حين أن 37% من طلابنا من المواهب المحلية في الإمارات بين مواطنين ومقيمين، ونحرص على اجتذاب المواهب الإماراتية الشابة من خلال حملات المنح الدراسية المتخصصة، ونحن على يقين من أننا سنرى المزيد من الإماراتيين بين الطلاب المسجلين في الدورات المقبلة».
وعن أهم أهداف المعهد يؤكد روبرتو لا إياكونا أن الهدف هو «تخريج قادة ورموز المستقبل في المنطقة في التخصصات الإبداعية، وتحديداً في مجالات إدارة الأزياء، والتصميم الداخلي، والتصميم المرئي، وتخطيط صناعة الأزياء والتوجيه الإبداعي، وتصميم الأزياء، وإدارة العلامات التجارية الفاخرة والموضة التي هي جوهر برامجنا الأكاديمية، ومن أجل ذلك، نجلب النهج الإيطالي في تخصصات الموضة والتصميم والفن والمناهج الدراسية إلى الإمارات، ونأمل أن نكرر قصص النجاح التي شهدناها من فروع المعهد في أنحاء العالم، مع العديد من الجوائز المعترف بها دولياً، وتخريج دفعة من نجوم الموضة والتصميم، مثل فرانكو موسكينو، أليساندرو سارتوري وراهول ميشرا».
ويتابع: «نؤمن أن من المهم لطلابنا أن يستلهموا في مسيرتهم المهنية من قادة الإبداع، وأن يلتقوا بهم شخصياً، لذا دعونا العديد من المتخصصين المتميزين مثل إيان غريفيث، وويس جوردون، وبول بيشوب، وتوني وارد، لمشاركة تجربتهم المهنية مع طلابنا من خلال المحاضرات والفعاليات المتخصصة».
وعن خطة المعهد في نشر الثقافة المحلية والأزياء التقليدية الإماراتية وإيصالها للعالمية يقول روبرتو: «يشارك المعهد في فعاليات الموضة والتصميم الرئيسية في الإمارات، حيث دمج تراثه الإيطالي مع التقاليد المحلية، وسلط الضوء على الإبداع والابتكار والاستدامة، كما يهدف إلى تثمين التاريخ المحلي الغني وتحديث القطع التقليدية، ما يضمن أهميتها والتعريف بها على الساحة الدولية، وأرى أن العباءة الإماراتية تمثل رصيداً ثقافياً قيّماً، عندما يتم الحفاظ عليها بأصالتها مع دمج بعض من العناصر المعاصرة، والتي بدورها يمكن أن تساهم في تغيير مسار الموضة العالمية من خلال التركيز على التنوع والتراث التقليدي».
أما اتجاهات الموضة خلال العام المقبل 2024، فيقول روبرتو لا إياكونا: «ندرِّس أبحاث الاتجاهات، فمن المتوقع أن يكون للعديد من اتجاهات الموضة المهمة التأثير الأكبر، بما في ذلك تأثير قيم الاستدامة والتفرد والاستلهام من الأزياء الرياضية. إذ من المتوقع أن تزداد شعبية الأزياء الرياضية البسيطة التي تمزج بين الراحة والعملية، وهي استجابة لنمو الاهتمام بالرياضة والترفيه ودمج الحياة الصحية مع نمط الحياة اليومي، إلى جانب نمط التصميمات السريالية والساخرة، في إشارة واضحة عن قبول بعض المستهلكين للتصاميم غير العادية، وحتى الساخرة منها، حيث تعكس هذه الموجة التحرك الجريء بعيداً عن الجماليات النموذجية التقليدية من خلال التوسع في إدماج الألوان الغريبة، والتي بدورها تشجع على الاحتفال بالفردية من خلال الرسومات الخيالية والتصاميم المثيرة».
ويشير إلى أن «من المتوقع أن ينمر الاهتمام بالاستدامة في صناعة الأزياء، طبقاً لما أوضحت مديرة التعليم بالمعهد لدينا إيلينا مارينوني في أحدث أبحاثها، بما يتوافق مع الوعي المتزايد بقيمة الاستدامة، إلى جانب الوعي المتصاعد للمستهلكين الذين يتخذون قرارات واعية لتقليل الاستهلاك والهدر. إذ أصبح عالم الموضة مفتوناً بشكل متزايد بالأقمشة الخفيفة، والبحث بالخامات عن أشياء مثل المتانة والراحة والاستدامة. فالأقمشة خفيفة الوزن وعالية الأداء ليست مريحة بالضرورة ولكنها متعددة الاستخدامات، وهناك زيادة في الاهتمام بالمنسوجات القديمة، لكون الطراز القديم خياراً مستداماً، لأنه لا يتضمن أي عملية إنتاج جديدة، فإن هذه الطفرة تبشر بظهور تحالف جديد بين القديم والجديد، ما يشير إلى أن المستهلكين يقلصون الاستهلاك عن طريق اختيار إعادة التدوير، بدلاً من المساهمة في إنتاج مواد جديدة».