«طالبان» تحظى بقبول أميركي بسبب إحكامها السيطرة على «داعش خراسان»
تلتزم واشنطن والقوى الإقليمية الأخرى الصمت حيال الدور القمعي المتزايد لحركة «طالبان» الأفغانية داخل كابل؛ بسبب دورها الفعال في كبح صعود تنظيم «داعش خراسان» داخل المجتمع الأفغاني.
ومنذ الاستيلاء على كابل، في أغسطس (آب) 2021، قتلت قوات «طالبان» المئات من أعضاء «داعش خراسان» في أفغانستان، ويقول خبراء أفغان إن قوات «طالبان» تعمل في مواجهة «داعش خراسان» على ثلاثة مستويات.
أولاً تستهدف قوات «طالبان» قادة «داعش خراسان» في شمال وشرق أفغانستان، وثانياً أطلقت «وكالة استخبارات طالبان (جي دي آي)» عملية استخباراتية مضادة في مواجهة المتعاطفين مع «داعش خراسان» بين صفوفها، وثالثاً تقوم شرطة الحركة باعتقال الجماعات الدينية الموجودة في شمال وشرق أفغانستان، التي تعاطفت مع «داعش خراسان» في الماضي.
وقد أدّت هذه الحملة ذات المحاور الثلاثة إلى اعتقال عدة آلاف من الأشخاص، ومقتل المئات من أعضاء «داعش»، خلال العمليات التي شنّتها «طالبان»، كما أقرّ مسؤولون أميركيون، في محادثاتهم مع مسؤولي «طالبان»، بفعالية الحملة التي تشنها الحركة ضد «داعش خراسان».
وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وسيطرة «طالبان» على كابل، ازدادت المخاوف من أن تتحول الأخيرة مرة أخرى إلى مركز للإرهاب الدولي، ومع ذلك فإن «طالبان» لم تكن محور هذا الخوف، بل نشأت هذه المخاوف من صعود مجموعات، مثل «داعش خراسان» في شمال وشرق أفغانستان.
وكان جرى تجريد «داعش خراسان»، قبل الانسحاب الأميركي مباشرةً، من قواعدها التي كانت موجودة في الجانب الشمالي والشرقي من أفغانستان، وذلك بشكل كبير نتيجة غارات القوات الجوية الأميركية.
ويكمن سر بقاء «طالبان» في حقيقة أن الجميع يريد وجودها من أجل ملاحقة «داعش»، ومن جانبه، يركز تنظيم «داعش خراسان»، بشكل صارم، على استهداف قيادة «طالبان» الأفغانية في كابل، وقد تخلّى التنظيم عن كل خططه للسيطرة على الأراضي، بعد أن فقَد السيطرة على أجزاء من شرق أفغانستان، نتيجة القصف الجوي الأميركي بين عامي 2016 و2019.
واستهدف أكثر من 80 في المائة من هذه الهجمات مقاتلي «طالبان»، وقبل عام 2021 كان تنظيم «داعش خراسان» أقل ميلاً لمهاجمة أعضاء «طالبان»، ففي عام 2020 استهدف 7 في المائة فقط من هجماته الحركة، لكن الوتيرة ارتفعت إلى 33 في المائة خلال عام 2021، و72 في المائة خلال عام 2022. وبعد الانسحاب الأميركي، ازدادت حدة أنشطة «داعش خراسان» في أفغانستان بشكل كبير، ومع ذلك فقد فشل التنظيم في تكثيف أنشطته بباكستان.
*استخبارات «طالبان» بقيادة حقاني
وهناك نوع آخر من الجماعات الإرهابية في أفغانستان، التي تربطها علاقات ممتازة مع حكومة «طالبان» الأفغانية في كابل، وتشمل هذه الجماعات حركة «طالبان الباكستانية»، وتنظيم «القاعدة»، والجماعات المسلَّحة في آسيا الوسطى، وتركستان الصينية.
وتشير التقارير إلى أن استخبارات «طالبان»، بقيادة وزير الداخلية سراج الدين حقاني، مسؤولة عن الحفاظ على وجود اتصالات بهذه الجماعات، وتوجيهها بشأن كيفية التصرف داخل الأراضي الأفغانية. وعلى سبيل المثال، أجبرت الاستخبارات الأفغانية مؤخراً الجماعات الانفصالية الصينية المتمركزة في أفغانستان على نقل مواقعها بعيداً عن الحدود الصينية، كما قاموا بمحاولة لنقل حركة «طالبان» الباكستانية بعيداً عن الحدود الباكستانية، لكن المحاولة لم تنجح، وتُعدّ استخبارات «طالبان» مسؤولة أيضاً عن مطاردة واعتقال وقتل أعضاء «داعش خراسان» في الأراضي الأفغانية.