انطلاق مباراتنا مع توتنهام تأخر بسبب انقطاع المياه


كين… قالوا عنه إنه لاعب الموسم الواحد فلم يتوقف عن التهديف على مدار سنوات

بعد فترة وجيزة من نهاية المباراة الودية التي لعبها توتنهام على ملعبه أمام شاختار دونيتسك الأوكراني مؤخراً، خرج هاري كين من نفق الملعب بمفرده، واتجه إلى جميع أركان الملعب الأربعة، ليوجه التحية إلى الجمهور الذي استقبله بحفاوة كبيرة، كما هي الحال دائماً، فهو أحد أساطير هذا النادي بكل تأكيد.

في الحقيقة، كانت هذه نهاية شبه مثالية لهاري كين الذي سجل 4 أهداف في المباراة التي انتهت بفوز «السبيرز» بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد. ومن غيره كان يسجل الأهداف لتوتنهام؟ فخلال الموسم الماضي، لم يكن غيره من لاعبي الفريق قادراً على الوصول إلى شباك الخصم، وليس فقط هز الشباك!

لم أكن هناك لأقول وداعاً لكين. أنا لست من هواة مشاهدة المباريات الودية التي تقام استعداداً للموسم الجديد. وكنت في عطلة من عملي؛ لكنني كنت قد ودعت كين بالفعل، فكل عاشق لكرة القدم يعرف في قرارة نفسه أن مثل هذه اللحظات ستأتي لا محالة. فلم يكن يتبقى في عقد كين مع توتنهام سوى عام واحد فقط، ولم يكن في عجلة من أمره لتجديد التعاقد، لذلك كانت هذه هي الفرصة الأخيرة لرئيس النادي، دانيال ليفي، للاستفادة من النجم الإنجليزي الدولي، وبيعه مقابل نحو 100 مليون جنيه إسترليني.

وفي غضون عام، كان سيحق لكين الرحيل مجاناً، وهو الأمر الذي لم يكن ليفي يرغب في حدوثه. ومع ذلك، لو كان هناك شخص واحد فقط يمكنه إفساد وتعطيل أي عملية انتقال يعتقد الناس أنها صفقة منتهية، فإن هذا الشخص هو ليفي! ومن المؤكد أنه أصاب المديرين التنفيذيين في بايرن ميونيخ بالجنون خلال الأسابيع القليلة الماضية، نتيجة تمسكه بالحصول على بضعة ملايين إضافية.

من المؤكد أن جمهور توتنهام يشعر بحزن كبير لرحيل كين؛ لكن الأمر لم يكن مفاجئاً؛ حيث يبلغ كين من العمر 30 عاماً، ولا يتبقى له سوى 3 أو 4 سنوات فقط في قمة عطائه الكروي. وخلال مسيرته الكروية مع توتنهام -باستثناء فترات قليلة من اللعب في أماكن أخرى على سبيل الإعارة – لم يفز كين بأي بطولة. فاز توتنهام بكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرة واحدة فقط في هذا القرن. إننا نحب أن نعتقد أننا نادٍ كبير -لدينا الآن ملعب يليق بنادٍ كبير– لكن النادي يدار من قبل مجلس إدارة لا يمتلك عقلية الأندية الكبرى.

من المؤكد أن لاعباً بقيمة وقدرات وإمكانات هاري كين يستحق أن يحصل على كثير من البطولات والألقاب، وأن يلعب في دوري أبطال أوروبا؛ لكن توتنهام لم يتأهل حتى إلى دوري المؤتمر الأوروبي هذا الموسم! وفي المقابل، يحصل بايرن ميونيخ على كثير من الألقاب، فقد فاز بلقب الدوري الألماني الممتاز 11 مرة على التوالي منذ عام 2013، ناهيك عن الفوز بعدد من الكؤوس المحلية خلال الفترة نفسها. والآن، قد يبدأ كين في حصد البطولات والألقاب، بعد أن كان يكتفي بالحصول على بعض الأحذية الذهبية هدافاً في المسابقات التي كان يشارك فيها.

إنني لن أشعر بأي مرارة من رحيل كين؛ لكن ما يجعلني أشعر بالحزن حقاً هو أننا لسنا جيدين بما يكفي لكي نساعد كين على الحصول على البطولات التي يتوق إليها؛ لكنه قضى أفضل سنواته في هذا النادي. لقد ساعدتنا أهدافه على تذوق طعم المشاركة في دوري أبطال أوروبا، وهو الأمر الذي سيفقده النادي بشكل شبه مؤكد بعد رحيله.

وخلال تلك الرحلة الطويلة، كان كين يلعب ويتصرف باحترافية شديدة، ربما باستثناء ما حدث في عام 2021 عندما كان يرغب في الانتقال إلى مانشستر سيتي واللعب تحت قيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، وكان يحاول الضغط على توتنهام من خلال التغيب عن التدريبات. لكن يمكننا أن نغفر له ذلك. والأهم من ذلك، أنه لم يستمر في محاولاته للضغط على النادي وعاد للتصرف بكل احترافية؛ لكنني في المقابل لن أسامح لوكا مودريتش أبداً على أدائه في العام الأخير له مع توتنهام، عندما كان يضغط بشدة من أجل الانتقال إلى ريال مدريد.

لم ينتقل كين إلى نادٍ إنجليزي آخر، ولم ينتقل إلى مانشستر سيتي أو إلى آرسنال أو تشيلسي؛ لكنه انتقل إلى بايرن ميونيخ، وهو الأمر الذي يتفهمه كل مشجع من مشجعي توتنهام. رأيت كين لأول مرة وهو يهز الشباك في مباراة توتنهام أمام هال سيتي في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة في عام 2013، وهي المباراة التي فاز فيها توتنهام بركلات الترجيح. لقد كانت المباراة مملة، ولم أكن أدرك آنذاك أن هذه بداية ظهور أسطورة من أساطير النادي، سيصبح بعد ذلك الهداف التاريخي للنادي. وربما كنت لا أزال أشعر بالحزن على رحيل غاريث بيل!

لكن هاري كين استمر في تسجيل الأهداف. في البداية اعتقدت أنه أحد هؤلاء اللاعبين المحظوظين في بعض الأحيان، وبدأ مشجعو الفرق المنافسة يغنون: «إنه مجرد لاعب أعجوبة لموسم واحد فقط»، في محاولة للتأثير على معنوياته؛ لكنه واصل تسجيل الأهداف، وكان يتألق بشكل خاص أمام أندية القمة، والأندية التي تحتل مراكز متوسطة في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز.

كين يتلقى تعليمات توخيل في المواجهة أمام لايبزغ (إ.ب.أ)

لم يمضِ وقت طويل حتى بدأ مشجعو توتنهام أنفسهم يغنون: «إنه مجرد لاعب أعجوبة لموسم واحد فقط»، للسخرية مما كان يقوله جمهور الأندية المنافسة. لقد أثبت كين أنه ليس من نوعية اللاعبين الذين يتألقون لموسم واحد فقط، وواصل التألق على مدار سنوات وسنوات، وإحراز الأهداف بكلتا قدميه وبرأسه. لم يكن كين هدافاً فقط؛ لكنه كان يصنع الأهداف ببراعة أيضاً. لقد كان يجعل الجمهور يشعر بالذهول عندما كان يعود إلى عمق الملعب ويستلم الكرة ويمررها بإتقان إلى النجم الكوري الجنوبي سون هيونغ مين.

لقد كان لاعباً متكاملاً، ومحترفاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وحتى عندما كان توتنهام يمر بأسوأ فتراته على الإطلاق خلال الموسم الماضي، سجل كين 30 هدفاً في الدوري. ولولا أهداف كين، ربما كان توتنهام سيجد نفسه يصارع من أجل تجنب الهبوط لدوري الدرجة الأولى.

في الحقيقة، أصبح كين أكبر من البقاء في توتنهام منذ عدة مواسم، ولم يستمر مع الفريق إلا بسبب ولائه للنادي وارتباطه الشديد بالجماهير. لكن السؤال الذي يدور في ذهن الجميع الآن، هو: كيف سيكون حال توتنهام من دون هاري كين؟ إنني شخصياً أخشى التفكير في هذا الأمر! كان من المفترض أن يضع النادي خطة لتعويض رحيله، وكان من الممكن إبرام هذه الصفقة مع بايرن ميونيخ منذ عدة شهور، واستغلال أموال هذه الصفقة للتعاقد مع بديل مميز. لكن هل من الممكن إقناع مهاجم فذ قادر على إحراز 30 هدفاً في الموسم بالانضمام إلى فريق لا ينافس على البطولات؟ لكن طريقة التفكير في توتنهام لم تتغير أبداً، ولم يفعل النادي شيئاً سوى تمني أن ينجح المهاجم البرازيلي ريتشارليسون في تقديم مستويات جيدة خلال الفترة القادمة، لتعويض كين!

في الحقيقة، لست متأكداً من أنني سأرى لاعباً مثل كين في صفوف توتنهام مرة أخرى؛ لأن هذه النوعية من اللاعبين لا تظهر إلا على فترات متباعدة. قد يعتقد البعض أن «هذا موسم لإعادة بناء الفريق»، وأن الأمور ستكون على ما يرام بعد ذلك؛ لكنني لا أعتقد ذلك على الإطلاق، فكل موسم في توتنهام يبدو وكأنه موسم لإعادة البناء! فإذا لم تتمكن من بناء فريق ولديك لاعب فذ بقدرات وإمكانات هاري كين، فهل سيمكنك بناء فريق قوي بعد رحيله؟

إنني أتمنى كل التوفيق لكين الذي قدم لجمهور توتنهام أكثر بكثير مما كان يتمنى. وعلى الأقل سيكون هناك فريق أشجعه في هذا العام بدوري أبطال أوروبا، وهو بايرن ميونيخ؛ لأن كين أصبح جزءاً منه!

* خدمة «الغارديان»



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top