تحتفل الكنيسة البيزنطية بذكرى البار ثيوذورس السيقي أسقف أنسطاسيوبوليس الذي انتقل إلى الله بعد حياة بارة في مثل هذا اليوم من سنة 613.
وبهذه المناسبة، ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: “أَنا خُبزُ الحَياة، خُبزَ السَّماءِ الحَقّ، الَّذي يَنزِلُ مِنَ السَّماء ويَهَبُ الحَياةَ لِلعالَم”… أترغبون بهذا الخبز، خبز السماء، ها هو أمامكم، وأنتم لا تأكلون. “على أَنِّي قُلتُ لَكم: رَأيتُموني ولا تؤمِنون”. مع ذلك لا أنبذكم: هل أَلغى عدمُ أمانتكم أمانةَ الله؟. أنظر إذًا: “جَميعُ الَّذينَ يُعطيني الآبُ إِيَّاهُم يُقبِلونَ إِليَّ ومَن أَقَبَلَ إِليَّ لا أُلقيهِ في الخارج”. ما هي هذه الحالة الداخليّة الّتي لا نخرج منها؟ هي خشوعٌ كبير، وسرٌّ عذب. سرّ لا يتعب، بريء من مرارة الأفكار السيّئة، خالٍ من عذاب التجارب والآلام. أليس بهكذا سرّ سوف يدخل هذا الخادم الأمين الّذي سيسمع هذا القول: “أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ”؟.
لن تنبذ ذلك (الخادم) خارجًا، لأنّك نزلت من السماء لا لتعمل بمشيئتك بل بمشيئة الّذي أرسلك. يا للسرّ العميق!… نعم، إنّ ابن الله، لكي يشفي سبب كلّ الآلام، أي الكبرياء، انحدر وتواضع. فلماذا تتكبّر أيّها الإنسان؟ صار الله متواضعًا بسببك. لربّما تخجل من الاقتداء بتواضع إنسان؛ اقتدِ بتواضع الله… فالله، هو، أصبح إنسانًا؛ وأنت، أيّها الإنسان، اِعرَف أنّك إنسان: كلّ تواضعك يرتكز على معرفتك لذاتك. إن الله يعلّم التواضع، لذلك قال: “لم آتِ إلّا لأعمل مشيئة الّذي أرسلني… لقد أتيتُ، متواضعًا، لأُعَلِّم التواضع كسيّدٍ للتواضع. من يأتِ إليَّ يُصبح عضوًا في جسدي؛ مَن يأتِ إليّ يصبح متواضعًا… لا يعمل إرادته، بل إرادة الله؛ لهذا السبب لن يُرمى خارجًا، كما عندما كان متكبّرًا”.