رفض المخرج الفلسطيني البارز رشيد مشهراوي الدعوة إلى وقف الأنشطة الفنية والثقافية في البلدان العربية كنوع من التضامن مع الشعب الفلسطيني، وقال: «لا أعتبر السينما والفن مشروعاً ترفيهياً فقط. إذا لم تقم المهرجانات السينمائية حال وقوع كوارث كبرى شبيهة بما يحدث في فلسطين، فما الذي يدعو إلى إقامتها أصلاً؟».
ويفخر مشهراوي ب«سينما المقاومة»، وهو العنوان الذي اختاره مهرجان أسوان لأفلام المرأة، تضامناً مع سينمائيات فلسطينيات في ظلّ الحرب الجارية في قطاع غزة.
وقال مشهراوي (62 عاماً) الذي يرأس لجنة تحكيم مسابقة الفيلم المصري في المهرجان، لوكالة «فرانس برس» من أسوان «هناك حاجة إلى تصدير صورة سينمائية مختلفة من غزة».
ويركّز مهرجان أسوان في نسخته الثامنة على «سينما المقاومة» الفلسطينية في ظلّ الحرب بين إسرائيل وحركة حماس بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتُعرض ضمن مسابقات المهرجان ستة أفلام فلسطينية قصيرة، من بينها الفيلم الوثائقي «خيوط من حرير» للمخرجة ولاء سعادة التي قُتلت الشهر الماضي في الحرب، ومدته 14 دقيقة، ويحكي عن الثوب الفلسطيني وما تحمله تطريزاته من معان.
ويشارك فيلم «أنا من فلسطين» للمخرجة إيمان الظواهري، ومدته خمس دقائق، ويحكي قصة صامدة، الفتاة الفلسطينية الأمريكية المقيمة في الولايات المتحدة وتُصدَم في يومها الدراسي الأول برؤية خريطة للعالم لا يوجد عليها وطنها.
ويتناول الفيلم الوثائقي «مستقبل مقطوع»، ومدته 16 دقيقة، للمخرجة علياء أرصغلي التجارب الحياتية ل27 فتاة تتراوح أعمارهن بين 11 و17 عاماً في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي.
ويعمل مشهراوي على فيلم وثائقي يدور حول الحرب الحالية يسلّط فيه الضوء على ما يسميه «أكذوبة الدفاع عن النفس» التي تستخدمها إسرائيل.
ويعد مشهراوي صاحب أول تجربة فلسطينية سينمائية عرضت بشكل رسمي في مهرجان كان السينمائي في 1996 من خلال ثاني أفلامه الطويلة «حيفا». ومن بين أبرز أفلامه أيضاً «عيد ميلاد ليلى» في 2008 و«فلسطين ستيريو» 2013.
ويعود تاريخ السينما في قطاع غزة إلى أربعينات القرن الماضي عندما أنشئت دار «السامر» التي تحول مبناها إلى وكالة لبيع السيارات. وأغلقت دور السينما في القطاع خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993) لتعود بعد نشأة السلطة الفلسطينية عام 1994 وافتتاح سينما «النصر» في وسط غزة، لكن متظاهرين إسلاميين أحرقوا مبناها في 1996.
ومنذ الشهر الثاني للحرب، بدأ مشهراوي العمل على تأسيس صندوق لدعم السينما في غزة، مشيراً إلى أن «الاحتلال الإسرائيلي يسرد طوال الوقت روايات مزيفة، ولا بدّ من إظهار الحقيقة ليس فقط للعرب وإنما للعالم بأكمله».
ويشير إلى أن مبادرة «أفلام من المسافة صفر» تساعد مخرجين ومخرجات في غزة «تحت القصف أو أصبحوا لاجئين» في إنتاج أفلامهم.
وتنشط في المبادرة سينمائيات نساء. ويقول مشهراوي «دائما في أصعب اللحظات، نجد المرأة الفلسطينية في المقدمة».
ويعتبر مشهراوي أنه على الرغم من أن إسرائيل، «تقتل منّا الكثير»، إلا أنه «من الصعب أن يحتلّوا ذاكرتنا، هوياتنا والموسيقى والتاريخ والثقافة».