يلين تنتقد ممارسات الصين… من الإغراق لحزم الدعم



آفاق اقتصادية مفتوحة للهند قبيل أكبر انتخابات في العالم

بينما تتأهَّب الهند لبداية الانتخابات التشريعية الأكبر في العالم يوم 19 أبريل (نيسان) الحالي، حيث يتوجه نحو مليار ناخب لصناديق الاقتراع، قام «البنك الدولي»، يوم الثلاثاء، برفع توقعاته للنمو الاقتصادي الهندي لسنة 2025 بمعدل 20 نقطة أساس، وصولاً إلى 6.6 في المائة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى «المراجعات التصاعدية لنمو الاستثمار».

وفي مطلع شهر مارس (آذار) الماضي، أفاد «مكتب الإحصاءات الهندي» بأن الناتج المحلي الإجمالي في أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً في العالم، ارتفع بنسبة 8.4 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023 مقارنة بالعام السابق، ومقارنة بنمو قدره 7.6 في المائة في الفترة من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول) 2023.

وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن نمو الناتج المحلي الإجمالي القوي يُظهر قوة الاقتصاد الهندي وإمكانياته، مؤكداً قبل انتخابات أبريل: «سوف تستمر جهودنا لتحقيق النمو الاقتصادي السريع الذي سيساعد 1.4 مليار هندي على عيش حياة أفضل».

ولا تأتي طموحات مودي من فراغ؛ إذ يتوقع المحللون أن تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2027، مرتفعةً من المركز الخامس حالياً.

وفي آخر تحديث نصف سنوي لتنمية جنوب آسيا، رفع «البنك الدولي» توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد الهندي في عام 2024 إلى 7.5 في المائة، وهو أقل قليلاً من 7.6 في المائة التي قدرها مكتب الإحصاء الوطني في الهند.

ويرى «البنك الدولي» أن «توقعات النمو في جنوب آسيا أقوى إلى حد ما مما كانت عليه في الإصدار السابق من هذا التقرير، بنسبة 0.4 نقطة مئوية لعام 2024 و0.3 نقطة مئوية لعام 2025. ويعكس هذا في المقام الأول المراجعات التصاعدية لنمو الاستثمار في الهند وانتعاشات أسرع إلى حد ما من المتوقع من العام الماضي».

ويشير تقرير أبريل إلى أنه «من المتوقع أن يتراجع النمو في الهند إلى 6.6 في المائة في السنوات المالية 2024 – 2025، قبل أن ينتعش في السنوات اللاحقة، حيث يؤدي عقد من الاستثمارات العامة القوية إلى تحقيق مكاسب النمو».

وقال «البنك الدولي» إنه من المتوقع أن يظل النمو في الخدمات والصناعة قوياً في الهند، مع دعم الأخيرة لنشاط البناء والعقارات القوي، بينما من المتوقع أن تنحسر الضغوط التضخمية، مما يخلق مساحة أكبر للسياسات لتخفيف الأوضاع المالية. كما أنه «على المدى المتوسط، من المتوقع أن ينخفض العجز المالي والدين الحكومي، بدعم من النمو القوي في الناتج وجهود الضبط التي تبذلها الحكومة المركزية».

ومع ذلك، أشار تقرير «البنك الدولي» إلى أن انتعاش النمو في الهند على المدى القريب يعتمد على القطاع العام، في حين أن الاستثمار الخاص، على وجه الخصوص، لا يزال ضعيفاً. وحذر التقرير من أن «الجهود المبذولة لكبح جماح الديون المرتفعة وتكاليف الاقتراض والعجز المالي قد تؤثر في نهاية المطاف على النمو وتحد من قدرة الحكومة على الاستجابة للصدمات المناخية المتكررة بشكل متزايد».

وبنهاية العام الماضي، رفعت بنوك عالمية توقعاتها لاقتصاد الهند في العام المالي الحالي بأكمله بشكل حاد، حيث توقع كل من «باركليز» و«سيتي غروب» أن يحقق اقتصاد الهند معدل نمو 6.7 في المائة خلال السنة المالية المنتهية في مارس (آذار) 2024، ارتفاعاً من التوقعات السابقة البالغة 6.3 و6.2 في المائة على التوالي.

وبدوره، يتوقع بنك الاستثمار الأميركي «غولدمان ساكس» أن ينمو الاقتصاد الهندي بأكثر من 6 في المائة خلال العقد الحالي، وهو ما يحفز ضخ استثمارات أكثر من الصين في الدولة الجنوب آسيوية.

وقال سانتانو سينغوبتا، الاقتصادي الهندي لدى «غولدمان ساكس غروب»، في مقابلة مع تلفزيون «بلومبيرغ»، في فبراير (شباط) الماضي، إن النمو الاقتصادي طويل الأمد في الهند من المرجح أن «يرتفع نحو 6.5 في المائة، أو أعلى قليلاً»، مضيفاً أن التركيبة السكانية للهند، والإنفاق القوي الذي تقوده الحكومة، والطلب المحلي القوي، تجعل البلاد وجهة «مفضلة للاستثمارات من الآن فصاعداً».

لكن على عكس «البنك الدولي»، يتوقع «غولدمان ساكس» أن يسهم القطاع الخاص الهندي في تسريع الاستثمارات بعد الانتخابات الوطنية.

ومن بين دعائم الصعود المتوقَّع، أظهرت نتائج استطلاع «ستاندر آند بورز غلوبال»، مطلع شهر أبريل، نمو النشاط الصناعي في الهند بأسرع وتيرة خلال 16 عاماً، في مارس (آذار) الماضي، بفضل الزيادة السريعة في الإنتاج والطلبات الجديدة. وارتفع مؤشر مديري المشتريات، بعد حساب المتغيرات الموسمية، إلى 59.1 نقطة في مارس، مقارنة مع 56.9 نقطة في فبراير (شباط) الماضي.

وقد ارتفعت الطلبات الجديدة ومعدلات الإنتاج بأسرع وتيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020. وزادت الطلبات الأجنبية بأسرع وتيرة منذ مايو (أيار) 2022. وخلال مارس الماضي، زاد أصحاب العمل مستويات الشراء، كما عاد التوظيف إلى النطاق الإيجابي.

ويرى كثير من الخبراء أن الهند ستكون المستفيد الأكبر من تراجع الاقتصاد الصيني من جهة، وارتفاع حدة التوترات بين بكين والعواصم الغربية من جهة أخرى. إذ تعمل الشركات العالمية على تنويع عملياتها بعيداً عن الصين، بعد مواجهتها لعقبات عدّة أثناء جائحة كورونا، وتعرضها المستمر للمخاطر الناشئة عن التوتر بين بكين وواشنطن.

ونتيجة لذلك، تعمل بعض أكبر الشركات في العالم، بما في ذلك شركة «فوكسكون» الموردة لشركة «أبل»، على توسيع عملياتها في الهند. كما قال إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لـ«تسلا»، في يونيو (حزيران) الماضي، إن شركته تتطلع إلى الاستثمار في الهند في أقرب وقت ممكن.

ومنتصف الشهر الماضي، قال وزير التجارة الهندي بيوش جويل، إن الهند ستلغي معظم رسوم الاستيراد على المنتجات الصناعية من أربع دول أوروبية تعهَّدت باستثمار 100 مليار دولار على مدى 15 عاماً في الدولة، في اتفاق اقتصادي تم توقيعه تتويجاً لمفاوضات دامت قرابة 16 عاماً.

جاء الاتفاق بعد أن وقَّعت الهند في العامين الماضيين اتفاقيات تجارية مع أستراليا والإمارات. وقال مسؤولون إن هناك اتفاقاً مع بريطانيا في مراحله النهائية، وذلك في إطار هدف رئيس الوزراء ناريندرا مودي المتمثل في تحقيق صادرات بقيمة تريليون دولار بحلول عام 2030.

وأوضح جويل أن الاتفاق ملزم لبلدان رابطة التجارة الحرة الأوروبية، وهي سويسرا والنرويج وآيسلندا وليختنشتاين، باستثمار 100 مليار دولار على مدى 15 عاماً في الدولة ذات السوق سريعة النمو التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة.

كل تلك التطورات، تبرر أنه مقابل التوقعات الدولية التي تحسر النمو الهندي في حدود 6.6 في المائة على الأكثر، فإن وزارة المالية الهندية تتوقع أن ينمو الاقتصاد بأكثر من 7 في المائة في البلاد في السنة المالية 2024 للعام الثالث على التوالي، وأن تحتل الهند الترتيب الثالث كأكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2027، صعوداً من المرتبة الخامسة حالياً، وأن يبلغ الناتج المحلي 5 تريليونات دولار في 2027 من 3.7 تريليون دولار حالياً.

وقالت الحكومة في تقرير نهاية العام الماضي، إن «المخاطر التي تهدد توقعات النمو والاستقرار تنبع بشكل رئيسي من خارج البلاد. ومع ذلك، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الهندي بسهولة معدل نمو يتجاوز 6.5 في المائة في السنة المالية 2024».

لكن الأمر لا يخلو من بعض المخاوف، التي أشار إليها تقرير حديث لـ«سي إن إن» الأميركية، أوضح نصائح بعض الخبراء بالحذر، خاصة في ظل الارتفاع الهائل للأسهم الهندية.

ورغم إشارة تقرير لبنك «إتش إس بي سي» إلى نمو الاقتصاد الهندي «بوتيرة رائعة»، فإنه نصح في مذكرة اقتصادية بـ«التريث والهدوء». كما أشارت ثاماشي دي سيلفا، المحللة في «كابيتال إيكونوميكس»، إلى أن الزخم وراء النمو الاقتصادي الحاد في الهند «قد يتلاشى قليلاً»، حيث يؤثر النمو العالمي الضعيف على الصادرات، في حين أن القيود الأكثر صرامة على الإقراض غير المضمون في البلاد قد تحد من إنفاق الأسر، لكنها أضافت أن «أي تباطؤ في النمو سيكون معتدلاً، خاصة أن حملة البنية التحتية التي تنفذها الحكومة من المرجح أن تدعم النشاط».



المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top